“هناك أمر ذكّرتنا به الأحداث الارتجاليّة: نظام العالم قد يتغيّر من يوم لآخر. كلّ شيء يعبر ويشيخ، وليس فقط “الشباب”. ما مِن وسيلة واحدة للهرب مِن مرور الزمن الذي يجرّ كلّ شيء خلفه. يجب السَّير على أرض ثابتة! والفصح يعني العبور: فليكن فصحنا جميعاً هذه السنة حقيقيّاً: فلنعبر إلى مَن لا يزول. فلنعبُر الآن بالقلب، قلب أن نعبر إليه يوماً ما بالجسد!”
هذا ما شرحه الكاردينال رانييرو كانتالاميسا الكبوشي البارحة، يوم الجمعة العظيمة، كما كتبت الزميلة أنيتا بوردان.
في التفاصيل، ترأس البابا فرنسيس رتبة “آلام المسيح” بعد ظهر البارحة عند الساعة الخامسة في بازيليك القدّيس بطرس. وبعد ليتورجيا الكلمة وقراءة الإنجيل بحسب القدّيس متى، تلا العظة واعظ الدار الرسوليّة الكاردينال كانتالاميسا، كما جرى التقليد كلّ سنة في هذا النهار. وبعد ذلك، تبع الليتورجيا سجود أمام الصليب.
بالعودة إلى العظة، قال كانتالاميسا: “بدأ كلّ شيء بسؤال بيلاطس: “هل أنت ملك اليهود؟” (يو 18 : 33) أراد يسوع أن يُفهم بيلاطس أنّ السؤال أكثر جدّية ممّا يعتقد، إلّا أنّ المعنى لا يقتصر على تكرار اتّهام أصدره الآخرون… وحاول حمل بيلاطس إلى رؤية أعلى، فكلّمه عن مملكته التي ليست من هذا العالم، فيما الحاكم لم يفهم إلّا شيئاً واحداً: ليست مملكة سياسيّة. لذا سأله بتهكّم: أفَأنتَ ملك؟ ليُجيب يسوع: أنت تقول إنّي ملك” (يو 18 : 37)
Card. Cantalamessa, 15 avril 2022 © capture de Zenit / Vatican Media
وتابع كانتالاميسا: “مع إعلانه أنّه ملك، عرّض يسوع نفسه للموت وقَبِل ذلك، مُتكلّماً عن أصوله: “أتيتُ إلى العالم…”: إذاً كان موجوداً قبل الحياة الأرضيّة، لقد أتى من عالم آخر. أتى إلى الأرض ليشهد على الحقّ. وعامل بيلاطس كنَفس تحتاج إلى النور والحقيقة… واللغز الذي يراه الحاكم الروماني في كلمات يسوع يُخيفه، لذا فضّل وضع حدّ للحوار. فتمتم “ما هو الحقّ؟” ورحل.”
“كم أنّ هذا الحدث مُعاصر! اليوم كالبارحة، لا يكفّ الإنسان عن طرح سؤال “ما هو الحقّ؟” لكن مثل بطرس، يُدير ظهره لِمَن قال “أتيتُ إلى العالم لأجل هذا: الشهادة للحقّ” و”أنا الحقيقة” (يو 14 : 6)… اليوم، ثمة تخطّ لتشكيك بيلاطس، وهناك مَن يعتقدون أنّه يجب عدم طرح سؤال “ما هو الحقّ؟” لأنّ الحقيقة غير موجودة ببساطة! لم يعد هناك مكان لقصص العالم والحقيقة، بِمَا فيها تلك التي حول الله والمسيح”!!
“هناك من يقولون: ثمة الكثير من الظُلم والمعاناة في العالم لأجل الإيمان بالله! هذا صحيح، لكن فلنفكّر كم أنّ الشرّ الذي يُحيط بنا هو عبثي بدون الإيمان بنصر أخير للحقّ والخير. إنّ قيامة يسوع من بين الأموات هي الوعد والضمان بأنّ هذا النصر سيحصل، لأنّه بدأ معه.”
وختم الواعظ قائلاً: “إنّ حوار يسوع مع بيلاطس يُقدّم تأمّلاً آخر مُوجَّهاً لنا نحن المؤمنين، وليس لِمَن هم في الخارج: “أمّتك وكهنتك أسلموك لي” (يو 18 : 35) ونحن علينا أن نؤمن بك؟ وعلى هذا سأجيب: قد يبرد حبّنا وتضعف إرادتنا لدى رؤية خطايا الكنيسة وكهنتها، لكن لا أعتقد أنّ مَن آمن يوماً ما قد يتخلّى عن إيمانه لهذه الأسباب… هذا عمليّ لأنّه يدفعنا إلى غضّ النظر عن خطايانا وإلى إيجاد كبش محرقة… إلّا أنّ هذه النتيجة مُتوقّعة. وهذا كلّه ابتدأ قبل الفصح، مع خيانة يهوذا، نكران سمعان بطرس، هرب الرسل… البكاء، وبعده؟؟ البكاء مع الضحايا ولأجل ضحايا خطايانا!
الخلاصة للمؤمنين وغير المؤمنين : هذه السنة، نحتفل بالعيد ليس على صوت الأجراس بل المتفجّرات ليس بعيداً من هنا. فلنتذكّر جواب يسوع لمّا عرف بإراقة الدماء وانهيار البُرج في سلوام فقال: إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون”.
Card. Cantalamessa, 15 avril 2022 © capture de Zenit / Vatican Media