في 29 أيار 2022، عيّن البابا فرنسيس 21 كاردينالاً جديداً لمساعدته في عمله في الكنيسة الجامعة. من بينهم، الأسقف جيورجيو مارنغو (47 عاماً) وهو النائب الرسولي في أولان باتور في مونغوليا.
وُلد مارنغو في تورينو (إيطاليا) وبدأ رسالته سنة 2000. سيمَ كاهناً سنة 2001 وعُيّن أسقفاً سنة 2020. منذ 2003، عُرِفَ بالتزامه الشغوف لأنجلة مونغوليا.
قبل 13 يوماً على تعيينه كاردينالاً، عاد مارنغو إلى بلده الأم للمشاركة في الدورة السادسة عشرة حول “التقسيم وصلاة التحرير” التي نظّمها معهد الكهنوت والمجموعة الدينية الاجتماعية للأبحاث والمعلومات. وقد تلا مداخلته الأولى (بعد أن شارك بالدورات سابقاً كتلميذ) بتاريخ 16 أيار تحت عنوان “دَور الأسقف في التقسيم”.
من تلميذ إلى أستاذ مقسّم
في هذه المناسبة، شارك الأسقف كمقسّم في الدورة. وشرح، بحسب ممارسات الكنيسة، أنّ “الأسقف هو أوّل مقسّم في أبرشيّته، بناء على الخلافة الرسوليّة، وأنّ إمكانيّة ممارسة كهنة آخرين هذه الخدمة تعتمد على تفويضه”.
وذكر أنّ الأسقف هو “ضامن الإيمان الرسولي، وأنّه يمكنه ممارسة التقسيم في دائرته، على أن يحصل على إذن للخروج منها”.
البُعد الإرسالي للتقسيم
في هذا السياق، قال النائب الرسولي إنّ “التقسيم والشفاء الداخلي هما جزء أساسي من رسالة الكنيسة، لأنّهما ضرورة في الواقع”.
وبعد التكلّم عن وضع مونغوليا الديني، أي بعد غياب الكاثوليكية عن البلد لثمانية قرون، أشار إلى أنّه استقبل مجدداً المرسلين منذ 30 سنة، مُخبِراً عن “اختبار بعض الأشخاص غير المسيحيين الذين طلبوا من كهنة أن يُحرّروهم من الشيطان. وبعد أن شهد على هذا الواقع، تمكّن من أن يرى أنّ المعركة مع الشيطان “ضرورة على جميع المستويات”. وهنا تطرّق إلى “البُعد الإرسالي للتقسيم، وإلى تسمية “الشيطان” الذي وصفه بالعدوّ ومُبعّد الناس، ومَن يتدخّل ليُسيئ إلى العلاقة مع المسيح. في هذه الصلة، قال إنّ “الكنيسة تُحاربه بالإعلان عن إنجيل المسيح وبجعله موجوداً في الأسرار”.
الأضرار من ممارسات السحر والتنجيم الشعبيّة الموروثة
في خطّة التبشير الأوّلي لمكان ما، كما هي الحال مع منغوليا، شدّد المونسنيور مارنغو على أهمية “آثار الطرق الموروثة المتّصلة بالسحر والتنجيم”، متطرّقاً إلى بعض حالات الأشخاص الذين يُتابعون صفوف التعليم المسيحي تمهيداً للعماد، وبدأوا يُعانون من عمل الأرواح، ممّا أدّى بهم إلى التخلّي عن طريق الإيمان.
“في أطر الأنجلة هذه، يقف العدوّ في الوسط ليمنع الناس من اتّباع يسوع. وهذا مفهوم نظراً لكلمات يسوع لتلاميذه عندما أرسلهم ليُبشّروا: باسمي ستطردون الشياطين (مر 16 : 17)”. ثمّ شدّد الأسقف على أنّ “نشاط تلاميذ يسوع تضمّن طرد الشياطين وشفاء المرضى. إذاً التقسيم جزء أساسي من الكهنوت الذي رسمه القائم من بين الأموات”.
في إطار علماني وجماعي
ذكر الكاردينال أنّ الديانات الأحاديّة تعترف بوجود الشيطان وتحذّر مؤمنيها من عمله. علاوة على ذلك، إنّ إدراك وجود الأرواح الشرّيرة بقي في كلّ الثقافات (باستثناء حيث فُرِض الإلحاد الماركسي). “يبدو أنّ الغرب وضع الشيطان بين قوسين. ليس فكرة واضحة ومميّزة”. لذا، نصح الكاردينال بقراءة أعمال الأب جوزف-ماري فرليندي الفرنسي الذي حلّل بالعمق الممارسات الروحيّة الشرقيّة، بعد أن كان من أتباع التأمّل التصاعدي. ودعا الأسقف إلى “الحذر بالتعامل مع التقاليد الشرقيّة، حيث اللجوء إلى الأرواح اعتيادي، وممارسة تحذّر منها الكنيسة”.
ابتعدوا عن الخرافات
ثمّ طرح المونسنيور مارنغو سؤالاً يتردّد دائماً في الخطوات الأولى للأنجلة: كيف نتولّى ماضِ من الممارسات الخرافيّة؟ ليُشير إلى أنّ الإجابة في الكتابات المقدّسة، لاسيّما في سفر تثنية الاشتراع (18 : 10 – 15) بما أننا نرى العمق الذي يستعمله الرب في كلمته.
“الله يدعونا كي لا نتورّط في هذه الممارسات، لذا فإنّ العهد القديم يُشدّد على مخاطرها بالنسبة إلى علاقة الإنسان مع الله الذي يكشف عن ذاته. كما وأنّ الله في سفر الخروج (34 : 12 – 16) يظهر كإله غيّور يريد أن نرفض ما ينزع منّا علاقتنا الفريدة معه”. ثمّ علّق الأسقف على نصّ الملك والمرأة الرائية في سفر صموئيل (28 : 6 – 25).
“في جميع النصوص، السبب للإدانة هو عينه، وهو ما زال صحيحاً بالنسبة إلينا اليوم: هذه الممارسات تُشير إلى قلّة إيمان بما أننا نلجأ إليها بدافع الشكّ. والعهد الجديد يؤكّد هذا، عبر إظهار يسوع الذي يُعاني مِن التجربة ثمّ يخرج منتصراً بما أنّه اعتمد كليّاً على الآب. وبالطريقة نفسها، البشريّة التي تؤمن بالمسيح يجب أن تعتمد كلياً عليه”.
مخاطر المنجّمين والسحرة والشامان
“عندما يسألونني: لمَ ليس عليّ أن أقصد المنجّمين؟ أجيبُ ببساطة: لأنّ الرب قال ذلك. ومَن يُريد إرضاء رغباته لمعرفة المزيد، يواجه المخاطر. المسيح لوحده هو خشبة الخلاص. أمّا الواقع فيقضي بمرافقة مَن ينفتحون على المسيح بعد أن كان ماضيهم مليئاً بالسحر. وهذه مسؤوليّة وهبة”.
وعاود الأسقف التأكيد على أنّ ميزة الإيمان المسيحيّ تقضي بكون المسيح قد أسّس حياة جديدة، بمحاذاة الشرّ والخطيئة.
الطرق للعمل الحسّي
مع إنهاء كلمته، أشار المونسنيور مارنغو إلى 5 طرق كنسيّة لمحاربة الشرّ في الرعويّة الاعتياديّة:
- الصلاة بداية، فالسجود للقربان الأقدس ثمّ مختلف أشكال العبادة المريميّة، مع استخدام الطلبات والنصوص الخاصّة بالشفاء الداخلي والخاضعة للقوانين الليتورجيّة
- إضفاء تعليم مناسب حول عمل الشيطان وكيفيّة مواجهته
- مشاطرة لحظات من العيش معاً عندما يتمّ التطرّق إلى مسائل شيطانيّة خلال الأحاديث
- اللجوء إلى التقسيم عندما تدعو الحاجة، بحسب قوانين الكنيسة
- وأخيراً، تحسين تنشئة الكهنة في الصحّة الروحيّة ومحاربة الشيطان