Lawrence OP - Flickr - CC BY-NC-ND

عمل الله في الرسولين بطرس وبولس

في عيدهما في 29 حزيران

Share this Entry

«لأَنِّي عالِمٌ على مَنِ اتَّكَلْتُ وموقِنٌ أَنَّه قادِرٌ على أَن يَحفَظَ وَديعَتي إِلى ذلِكَ اليَوم» (2تيم 1: 12)

مقدمة

من خلال الاحتفال بالذكرى الجليلة للقديسين بطرس وبولس بالكنيسة الكاثوليكية في التاسع والعشرون من شهر يونيو من كل عام، نذهب بحثًا عن إعادة اكتشاف مستمرة لهويتنا اليوم كتلاميذ للرّبّ. من أعمدة الرسل، بطرس وبولس، يمكننا دائمًا أن نتعلم الأمانة للإنجيل واكتشاف تلك العوائق الصغيرة أو الكبيرة التي أدعوها باستمرار إلى مكانها في رحلة سِباق الكلمة في العالم.

  1. الضعف البشري والقوة الإلهية (أع 12؛ 1تيم 4)

ربما نتوقع من القراءات الّتي بطقس اليوم، رواية “الندّاء الإلهي” لهذين الرسولين، أو سرد معجزة اختبروها أو أتممّها أيّ منهما؛ وربما بعض الخطط الّتي استخدموها للتبشير بالإنجيل وإعلان البُشرى السَّارة. ومع ذلك لا شيء من هذه السياقات الكتابيّة!  تُفاجأنا الليتورجيا الـمُقدمة اليوم بسفر الأعمال 12: 1- 11 من ناحية ومن خلال نص الرسالة الأوّلى إلى تيموثاوس 4: 6- 18 هذين النصيين يرويان نقاط ضعف هذين الرسولين وقوة الله الذي حررهم.

  1. بطرس السجين (أع 12: 1- 11)

تروي صفحة سفر الأعمال الرسل 12: 1- 11، حدث إطلاق سراحه من السجن. فهو حدث يسرد سلبية تامة للرسول بطرس. فهو لا يُدرك حتّى ما يحدث له (راج أع 12: 9). الشخصية الفاعلة الوحيدة الّتي نجدها تتدخل وبشكل إعجازي هي الرّبّ من خلال ملاكه من جانب والجماعة الكنيسة بالصلاة من الجانب الآخر. نتنبه أن الرسول في هذا الوضع ليس مُنقذاً حتى لنفسه، لكنه يتم إنقاذه وتحريره من الله أولاً، وبنعمة صلاة الجماعة الكنسية الّتي تصعد إلى الله من أجله ثانيًا. بطرس ليس محاربًا عن ذاته بشكل حر، بل يدفعه من الخلف عمل الكنيسة كلها، ولكن قبل كل شيء عمل الله الذي يحرره ويخلصه. يختبر بطرس بذاته وجه ذلك المخلص والمحرّر الذي عَرِفَهُ في الكتب المقدسة الّتي يتبعها شعبه والتقاه في شخص يسوع المسيح، المسيّا.

  1. بولس العّارف بعمل الرّبّ (2تيم 4: 6- 18)

في هذا النص نسمع بولس الّذي يتحدث بالقرب من نهاية حياته الأرضيّة، عندما نظر للوراء، للمسيرة الّتي سلكها بعد دعوته من الرّبّ على طريق دمشق (أع 9) ورأى نضالاته وصراعاته وسعيه وإيمانه، لكن قبل كل شيء أدرك أن الرّبّ كان قريبًا منه وأعطاه القوة.

بولس أيضًا، مثل بطرس، اختبر الخلاص بيد الرّبّ فقال: «فنَجَوْت “مِن شِدْقِ الأَسَد”» (2تيم 4: 17). وفقًا لمؤلف هذه الرسالة، لا يذكر بولس جميع تعهداته في نهاية حياته، ولكنه يدرك ببساطة أن الرّبّ كان قريبًا منه طوال رحلة حياته.

في ليتورجيا اليوم، لا يقدم الكتاب المقدس بطرس وبولس لنا كنموذجين بعيدين المنَّال. في هذه الحالة لن يكونوا أساس إيماننا على الإطلاق. لكن الليتورجيا تقدمهما لنا قريبين جدًا من حياتنا ووضعنا البشري. لهذا السبب يُبنى إيماننا على أساس الرسل. اليوم يُذكرونا اليوم بطرس وبولس أولاً بحقيقة أساسية تكمن وراء حياتنا ككنيسة. وهي إننا نعلم كمؤمنين، قبل كل شيء، اننا ضعفاء وخلاصنا هو من الرّبّ ومسيرة تحريرنا سواء رجال أو نساء منّا مدعوين لنعرف أن خلال رحلتنا الحياتيّة أننّا ليسنا بمفردنا، ولكن الرب إلى جانبنا دائما، فهو يأتي لنجدتنا.

الخلّاصة

 بطرس وبولس، رجلان شرقيّان يختلفان تمامًا فيما بينمها وأحيانًا غير متوافقين، إلا إنهما اشتركا في عنصر جوهري وهو إعلانهم بصوت واحد أنه لكي نكون تلاميذ حقيقيين للرّبّ ومبشرين حقيقيين بإنجيله، يجب علينا أولاً وقبل كل شيء أن ندرك أنفسنا كمُخلصين من الرّبّ مهما كانت ضعف أو قوة إمكانياتنا البشرية، فنحن نعلم أننا لسنا بمفردنا أبدًا في حياتنا الأرضية، فالرّب يرافقنا. بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نكون مُبشرين بمصداقية عن التحرير والخلاص الّذين نلنهما واختبرناهما بحياتنا الشخصية. وأود أن أختتم هذا المقال بقول لكاهن على مسيرة التطويب يُدعي الأب: تونينو بيلّو الّذي قال: “لا تُحبطوا من الفشل، ولا تقولوا: هذا ليس لي، أنتم تعلمون جيدًا أن الرب يستخدم من النعال القديمة لصنع أحذية لرؤساء الملائكة، ويستخدم خرق المطبخ القديمة لصنع مفارش المذبح”. دُمنّا ضعفاء في حياتنا لنختبر قوة إلهيّة لا تُوصف.

Share this Entry

د. سميرة يوسف

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير