من يتأمّل في الإنجيل يتأمّل في الله، ومع الله، وأمام الله.
تأمّل في قلبك، فإنّ التّأمّل يؤدّي بك إلى محبّة الله، وتتميم إرادته…
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
هكذا آمن الكبّوشيّ… هكذا عاش الكثير من اللّحظات متأمّلًا في قداسة الكلمة، التّي اعتبرها القوّة الّتي تؤدّي إلى القداسة…. اعتبرها النّور الّذي يهدي إلى النّور، إلى الله…
رفع إلى الرّبّ أجمل التّسابيح… أمعن النّظر إليه وحده، وهام بقدسيّة صليبه المبارك… أفرح قلب المصلوب، وأثلج شعلة آلامه، بصلاته الدّائمة، وبتأمّله في الكتاب المقدّس.
لطالما ردّد: ” لقد ضلّ المسيحيّ الّذي يعتقد بأنّ الصّلاة الّتي بها نسأل الله أن يعطينا ما يلزمنا هي كافية! فالصّلاة هي أوّلًا أن نعبد الله، ونشكره على إنعاماته، ونستغفره عمّا أسأنا إليه….
يتساءل أبونا يعقوب عن كيفيّة صلاتنا فيقول: ” كيف نشكراللّه، ونسبّحه إن كنّا نجهل ما صنعه من أجلنا؟ وكيف نعرفه، ونشهد له إن كنّا لا نتأمّل في الإنجيل؟؟؟
يدعونا الكبّوشيّ إلى الصّلاة العقليّة، بانتباه في الّذهن، وتقوى في القلب، يدعونا إلى التأمّل في الإنجيل، الّذي يرينا، ويخبرنا عن كلّ ما فعل يسوع، وما علّم…التّأمّل في الكتاب المقدّس، يقودنا إلى السّير نحو طريق الخلاص، ويصعدنا إلى سلّم التّقوى بسرعة … التّأّمّل يعطينا ما نبتغي، وما نريد.
الإنجيل معلّمنا، ومربّينا. بفرح الكلمة نقتدي، لأنّها تبثّ فينا الفضيلة الحقيقيّة.
لنصلِّ، بانتباه، وثقة، وثبات…
لنمسح الغبارعن صفحات الكتاب المقدّس… لننزله عن رفّ مكتبتنا…لنتغذَّ بالقوت الرّوحي…
طوبى لنا إن قرأنا الكتاب المقدّس قراءة من القلب، والعقل معًا….
طوبى لنا، إن قرأنا فرحه، وتحاورنا مع الله ، وأدركنا حبّه، وجماله…
“الكتاب المقدّس ليس مجرّد كتاب جميل لحفظه على الرّفّ. إنّه كلمة الحياة الّتي تُزرَع، وهو الهبة الّتي يطلب منّا يسوع القائم من الموت أن نقبلها لكي تكون لنا الحياة باسمه.”
” البابا فرنسيس”
لا شيء يقدر أن يجعلنا ننمو في الفضيلة ، مثل المداومة على الصّلاة، والتّأمّل في الإنجيل، لأنّه يهيّئ لنا الدّخول، إلى ساحات السّماء الرّحبة…
بالصّلاة نترفّع عن دونيّة ما نعيش، ونتّحد بالله عبر الكلمة الهامسة في قلبه، ذاك السّرور الحقيقيّ…
لنضمَّ الكتاب المقدّس إلى قلوبنا…لنصلِّ.. ولنجعل كلمة الرّبّ بلسمًا، وشفاءً، ونبض حياةٍ تطيب من خلاله آهات أعماقنا …