كان القديس فرانسوا دي لافال كاهنًا أمينًا مجتهدًا ومسافرًا لا يكل. هذا المبشر العظيم لم يكن خائفًا من الدفاع عن المستضعفين وضمان العدالة. لكنه كان قبل كل شيء رجلاً من كنيسة روما، مخلصًا للبابا ضد الغاليكان. له نحن مدينون بتأسيس وترسيخ الكنيسة في كندا، إذ كرّس نفسه بالكامل لها لمدة خمسين عامًا، حتى وفاته في العام 1708.
دعوة مبكرة
وُلِد فرانسوا دي لافال في مونتوجني سور آفر في العام 1623 في إحدى أكثر العائلات نفوذاً في فرنسا، وتم إرساله للدراسة مع اليسوعيين في كلية لا فليش حيث التحق بالجمعية المريمية في العام 1631. إنه الطريق الذي يدعوه إليه الرب، وقد تبعه بغيرة كبيرة وقبل كل شيء بفرح. سُمِّي Canon of Évreux في وقت مبكر جدًا، ثم ذهب إلى باريس لإكمال دراسته اللاهوتية، إنما وفاة والده وخاصة الموت المبكر لأخويه الأكبر سناً أعادته إلى المنزل لرعاية شؤون الأسرة. في غضون ذلك، تُوّجت دعوته في العام 1647حين سيم كاهنًا.
الرسالة نداء من الله
في العام 1652، عاد الأب اليسوعي ألكسندر دي رودس إلى فرنسا بحثًا عن كهنة تم تعيينهم للذهاب كمبشرين في الشرق الأقصى. شعر فرانسوا وقتئذٍ بإحساس خاص، خفقان قلب لم يسبق له مثيل. في العام التالي، عندما تم تعيينه نائبًا رسوليًا لتونكين، كان من الواضح أنّ هذا هو الطريق الذي سيأخذه الرب بيده. ومع ذلك، بسبب الخلافات السياسية بين القوى الاستعمارية، لم يغادر الكاهن إلى الهند الصينية. عهد فرانسوا دي لافال بإدارة ثروة الأسرة إلى أخيه الأصغر وبقي في محبسة كايين، لعيش حياة الصلاة والتأمل والعزلة.
الطريق إلى فرنسا الجديدة
في العام 1658، طلب المبشّرون الكنديون نائبًا رسوليًا، وقع اختيار البابا الإسكندر السابع على فرانسوا. شرع فرانسوا دي لافال، المعين نائبًا وأسقفًا للبتراء، في ما لا يزال يُطلق عليه اسم “فرنسا الجديدة”. كانت الرسالة الموكلة إليه واضحة في ذهنه، وهي بناء كنيسة من لا شيء، في مستعمرة تضم ألفي شخص. كانت تلك النوايا الحسنة التي شرع في تطبيقها في 16 أيار 1659، والتي وصل بها بعد شهر إلى كيبيك. كانت الموارد التي بينما يديه هي كلّ ما يعرفه حتى الساعة، تجربة بلا كلل للرسالة من بين الآخرين ومحبّة كثيرة.
أسقف الجميع: للسكان الأصليين، والفقراء والمتألّمين
لم تبق بذور فرنسيس دي لافال مدّة طويلة قبل أن تزدهر وتؤتي ثمارها. نمت الرعايا والبعثات والمدارس والمجتمعات الدينية في جميع أنحاء المنطقة. زاد عدد الكنائس أخيرًا من 5 إلى 35، والكهنة الحاضرين من 24 إلى 102، والرهبان من 22 إلى 97. وقد أسس فرانسوا، الذي اهتمّ بشكل خاص بمسألة التعليم، جمعية نساء السيدة. أما بالنسبة إلى الفقراء والمرضى فكان يعتني بهم بنفسه. أنشأ لهم مدرسة للفنون والحرف اليدوية، كما وفر لهم الرعاية الطبية.
هذه هي الطريقة التي تواصل بها مع السكان الأصليين وتعلّم حبهم. طوال حياته، عمل من أجل التعايش السلمي بين هذه الشعوب الأصليين والأوروبيين، ودعم المؤسسات المحلية ونشر التفاني للعائلة المقدسة. كانت إحدى أصعب المعارك التي خاضها هي تجارة الخمور مع السكان الأصليين، وهو الشر الذي هدد بالقضاء عليهم. في عام 1679، اعتبرت هذه التجارة خطيئة مميتة: بمجرد حظرها، تم كسب المعركة. في هذه الأثناء، في عام 1674، أصبحت كيبيك أخيرًا أبرشية وكان فرانسوا دي مونتمورنسي لافال أول أسقف لها. قام بزيارة رعوية لجميع أنحاء المنطقة الشاسعة الواقعة تحت سلطته. عندما توفي، دُفن في سرداب الكاتدرائية التي كان قد ساعد في بنائها. تم تطويب القديس فرانسوا دي لافال في العام 1980 على يد يوحنا بولس الثاني، ثم أُعلن قديسًا في العام 2014 على يد البابا فرنسيس.