ما هي سلطة يسوع الإلهيّة؟

وأنا أسألُكم سؤالاً واحِداً ، إنْ أجَبتُموني عَنه، قُلتُ لكم بأيّ سُلطانٍ أعمَلُ هذه الأعمال

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry
هنالك عدد قليل جدّاً من الأشخاص الذين يَظهرُ لهم الله من خلال الرؤيا والمعجزات . لذا، يجب الإستفادة من هذه الفرص، كونه لا يخرج من سرّ الطبيعة التي تحجبُه إلاّ لإثارة وإنعاش إيماننا على خدمته بحماسة شديدة ، خاصّة أنّنا نثق ونؤمن به ونعرفه من الكتاب المُقدّس والأسرار الإلهية .
لو كان الله يكشف عن نفسه للبشر بشكل مستمرّ، لما كان لنا الفضل في الإيمان به ، ولو كان لا يكشف عن نفسه على الإطلاق، لما كان هنالك أيّ إيمان . لكنّه غالباً ما يختفي ، ونادراً ما يظهر للذين يريد أن يحوّلهم إلى خدمته ، او يحوّل مجرى حياتهم لمعرفته والإيمان به .
هذا السرّ العميق ، الذي احتجبَ خلفه الله ، والغامض بالنسبة لنا نحن البشر، بسبب تفكيرنا الارضي ، هو درس مهمّ يجعلنا متحدين مع الله بالفكر والرُّوح  بعيداً عن نظر الناس وفلسفتهم وإنتقاداتهم  . لقد بقي الله مخفيًّاً خلف ستار الطبيعة الإلهية التي حجبَته عنّا الخطيئة ، حتّى سر التجسّد ” تجسَّدَ وصار إنساناً “، وأصبح مرئيِّاً و ” سكنَ بيننا ”   (  يوحنا ١ : ١٤ ) ، ووعد تلاميذه بأن سيبقى معنا  ” طَوالََ الأيام إلى نهاية العالم ” ( متى ٢٨ : ٢٠ ) حتّى مجيئه الثاني .
لقد اختارَ أن يبقى معنا في السرّ الأغرب والأكثر غموضاً ، أيّ في سر الإفخارستيّا. هذا السرّ الذي سمّاه القدّيس يوحنّا في سرّ الرؤيا   ” المنّ الخفيّ ” ، ” من كان له أُذُنان ، فليسمع ما يقولُ الرُّوحُ القُدُس للكنائس : الغالِبُ سأُعطيه منَّاً خفيَّاً ” ( رؤيا القديس يوحنا ٢ : ١٧ ) . أشعيا النبي كان يراه بهذه الحالة السرية الخفية ، فقالَ عَنهُ بروح النبوءة : ” إنّكَ لإله مُحتجِب ” (أشعيا ٤٥ : ١٥) .
” لا نعرف ” …. فقال لهم يسوع : ” وأنا لا أقولُ لكم بأي سُلطانٍ أعمَلُ هذه الأعمال ” ( مرقس ١١ : ٣٣ )
مِن العيبِ والسذاجة أن يَسأل الكهنة والكتبة والشيوخ الرّب يسوع  : ” بأيّ سُلطان تعمل هذه الأعمال ؟ “، ” بل من أولاكَ هذا السلطان لِتعمَلَ هذه الأعمال ؟ ” . لأنّه كان المستحيل أن يجيبهم  يسوع بأنّه يعملها باسم الشيطان . أو ” باِبْنِ الهَلاك ” ( تسالونيقي الثانية ٢ : ٣ ) . إنّ عظماء الكهنة لم يطرحوا عليه هذا السؤال سوى لإخافته . ولكن المخلّص كشف ما في قُلوبِهم وسألهم صراحةً : ” وأنا أسأَلُكم سُؤالاً واحِداً، إن أَجَبتُموني عَنه، قُلتُ لَكم بِأَيِّ سُلطانٍ أَعمَلُ هذه الأعْمال ” .
ما هو التفسير لهذه الآية الكتابية ؟
عندما رأى عظماء الكهنة والكتبة الرّب يسوع يقوم بتلك الآيات والمعجزات ، أرادوا أن يعرفوا منه قوّة ونوع وطبيعة هذا السلطان الذي يعمل به .
عادةً ،  نميّز بين سلطتين متناقضتين ، واحدة تأتي من الله ، وأخرى من الشيطان . هكذا، قام الأنبياء وبدأوا بالمعجزات بسلطة محدودة ، ثمّ حصلوا على سلطان أكبر مع تقدّم مسيرتهم الروحيّة . لكن بالنسبة إلى المخلِّص يسوع ، فقد عمل معجزاته كلّها بالسلطان الوحيد الذي نالَه من أبيه .
عظماء الكهنة والكتبة لم يكونوا جديرين بسماع أسرار كهذه . لذا، رفض الرّب يسوع أن يُجيبَهم بكلمة، بل على العكس، قامَ هو بطرح الأسئلة عليهم ليفتح أعينهم ويُعلمهم ويشرح لهم أسرار ملكوت الله ويدعوهم إلى التوبة لينالوا الخلاص .
Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير