وفقًا للبنك الدولي، يعيش حوالى ما نسبته 80٪ من سكان جنوب السودان البالغ عددهم 11 مليونًا منذ العام 2018 في ظروف “فقر مدقع”. يشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أوتشا، إلى أنه منذ استقلالها في العام 2011، شهدت البلاد أربع سنوات متتالية من الفيضانات، مما أثر على 9 من ولاياتها العشر أي أكثر من 900 ألف شخص يعيشون بعدم الاستقرار.
تسببت عواقب تغير المناخ والتوترات الطائفية المستمرة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، المرتبط بتخفيض قيمة العملة الرسمية بنسبة 40٪ والصراع في أوكرانيا، في تعجيل حالة جنوب السودان. تقدّر المنظمة الإنسانية، Save the Children، أنّ 1.4 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية في هذا البلد الذي شهد أسوأ أزمة جوع منذ إنشائه.
في هذا السياق، افتتحت راهبات أورسولين لمريم العذراء الطاهرة في غاندينو من بيرغامو بإيطاليا “مركز النهوض بالمرأة” في جوبا، الذي يضم مدرسة الخياطة. تتواجد الراهبات في هذه المنطقة منذ العام 2014 ويعيشن في منزل تم بناؤه بدعم من منظمة عون الكنيسة المتألّمة.
بداية جديدة لنحو ستين امرأة
بفضل تمويل مجلس الأساقفة الإيطاليين وبمساعدة الأخ أميلكير بوكاتشيا، وهو لاساليان، تم تجهيز مركز النهوض بالمرأة وتمكنت الدورات السنوية في القص والخياطة من البدء. يضم هذا المركز 40 سيدة مسجلة بينما التحقت حوالي عشرين أخريات بمدرسة التطريز. يشمل التدريب ثلاث ساعات من الدروس يوميًا، من الاثنين إلى الجمعة، قبل امتحانات نهاية الدورة، مقسمة إلى جزأين، أحدهما نظري والآخر عملي. تتعلم النساء صنع القمصان، والتنانير والزي الرسمي والسراويل.
وصلت منسقة المركز، الأخت آيا تيسفاميكايل، إلى جوبا الربيع الماضي، برفقة مدرس عادي وأفادت أنّ الهدف من الدورة هو الحصول على فرصة إضافية لمستقبلهن. تأمل النساء في العثور على عمل آمن، “يعملن بأيديهن ويكسبن قوتهن اليومي”، “لمساعدة أطفالهن على النمو بشكل جيد، ليكونوا قادرين على الدراسة والعيش في كرامة إنسانية وروحية”.
تذكر الأخت تيسفاميكايل أنّ مؤسس معهدها الديني، دون فرانشيسكو ديلا مادونا، ركّز على تعليم النساء بهدف التغيير الاجتماعي.
تؤكد الأخت هاجيا أيضًا على أهمية هذا الجانب في جنوب السودان، حيث “بسبب الحرب، لا توجد إمكانية للعمل، والنساء يبقين في المنزل وليس لديهن ما يطعمن أطفالهن”. تستحضر سياق الفقر المدقع، الذي لا يسمح حتى لمن يتابع هذا التدريب بالحصول على ما يلزم من نسيج للخياطة أو التطريز، من أجل تحسين وضعهم الاجتماعي.
التدريب الصحي الأساسي
ليس من قبيل الصدفة أن يتمّ تقديم تدريب إضافي على النظافة الشخصية واحترام الإبداع من قبل راهبات الأورسولين في جوبا. من خلال مفاهيم بسيطة في مجال الصحة، تكتسب هؤلاء الأمهات المعرفة والعادات والقيم التي تساعدهنّ على الوقاية من الأمراض أو علاجها بشكل مناسب، خاصة في وقت تنشر فيه الفيضانات عدوى مثل الملاريا والتيفوس والدوسنتاريا. تلقى السكان المحليون هذا التدريب الإضافي بشكل إيجابي. في وقت التسجيل، تجاوزت الطلبات بشكل كبير الأماكن المتاحة، وسيتعين على العديد من النساء الانتظار حتى العام الدراسي المقبل.