Benoît XVI, capture CTV

بندكتس السادس عشر والحوار مع المُسلمين

من أهمّ الملفّات التي عالجها البابا بتصميم

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“مسيحيّون ومسلمون، اتّحدوا”: كانت هذه إحدى أبرز أفكار حبريّة بندكتس السادس عشر، كما ورد في مقال أعاد القسم الفرنسي من موقع “فاتيكان نيوز” الإلكتروني نشره، بعد أن صدر لأوّل مرّة في شباط 2013 (أي بعد استقالة البابا الراحِل).

فالحوار بين الأديان، خاصّة مع الإسلام، كان مِن أكبر الملفّات التي عالجها بندكتس بتصميم ولم يكفّ عن تشجيعه، بعد أن سار على خُطى أسلافه في المجمع الفاتيكاني الثاني وبعد خلق لجنة للعلاقات مع المُسلمين سنة 1974، ومع رحلات يوحنا بولس الثاني الرمزيّة إلى المغرب سنة 1985 ثمّ إلى سوريا سنة 2001، لكن أيضاً إلى أسيزي.

بالتأكيد، لم تبدأ علاقات بندكتس الراحل مع المسلمين على أفضل وجه، خاصّة مع خطاب “راتيسبون”، إلّا أنّه بعده، حصلت نقطة التحوّل في الحوار الإسلامي المسيحي، فجرى تأسيس المنتدى الكاثوليكي المُسلم، إثر رسالة صدرت في تشرين الأوّل 2007 من قبل 138 شخصيّة مسلمة، جمعت على مرحلتَين – في روما ثمّ في الأردن – ممثّلين كاثوليك ومُسلمين لأجل تأمّل مشترَك حول مواضيع مثل “المنطق، الإيمان والإنسان”. ثمّ أتت الرحلة إلى تركيا سنة 2006 مع لحظة تأمّل بندكتس الحافي القدمين في “المسجد الأزرق” إلى جانب مفتي إسطنبول: صورة جابت أنحاء العالم.

إلى ذلك، قرن بندكتس القول بالفعل داعياً مراراً المسيحيين والمسلمين إلى التعاون لمواجهة النسبيّة، كما وارتفع صوته لحثّ المسيحيين والمسلمين على العمل يداً بيدٍ لصالح السلام، “بهدف وضع حدّ للعنف وللحروب”. وقد قال هذه الجملة تحديداً من لبنان حيث وقّع إرشاده الرسولي “الكنيسة في الشرق الأوسط” بعد عمل جمعيّة سينودس الأساقفة الخاصّة لأجل الشرق الأوسط (والتي اجتمعت من 10 إلى 24 تشرين الأوّل 2010).

قبل أن تطأ قدماه أرض لبنان، وفي الطائرة التي كانت تُقلّه إلى بيروت، كان بندكتس قد شجب الأصوليّة “التي هي تزوير للدين. إنّ واجب الكنيسة والأديان يقضي بإنارة الضمائر وتنقيتها… يجب أن تتركّز رسالة الديانة ضدّ العنف وباتّجاه التعليم وتنقية الضمائر كي تصبح أهلاً للحوار والمصالحة والسلام”. (المؤتمر الصحفي على متن الطائرة المتّجهة إلى لبنان، 14 أيلول 2012).

وفيما يبدو الحوار المسيحي الإسلامي وَهماً بعد بالنسبة إلى الكثيرين، بدا بندكتس السادس عشر مُقتنِعاً بالعكس، لا بل جعل من هذا المجال أولويّة.

يبقى الكثير بعد لبنائه، كما يشهد على ذلك سوء التفاهم والعنف اليومي في العديد من البلدان، لكنّ الأسس تعزّزت والنوافذ فُتِحَت مِن قبل بابا انسحب على رأس أصابعه، تارِكاً وراءه آثاراً لا تُمّحى.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ندى بطرس

مترجمة في القسم العربي في وكالة زينيت، حائزة على شهادة في اللغات، وماجستير في الترجمة من جامعة الروح القدس، الكسليك. مترجمة محلّفة لدى المحاكم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير