Baptême d'enfants dans la chapelle Sixtine, 12 janvier 2020 © Vatican Media

عيد الدنح: عبور من الموت إلى الحياة

لِنَحيا حَيَاةً أبَدِيَّة لا مكانَ للموتِ فيها

Share this Entry
عيد الدّنح (من كلمة دِنحُا السريانية)، أو عيد الظهور الإلهي، هُوَ الزّمن الذي نَتَعَرّف فيه على عظمة الإله المُثَلَّث الأقانيم: الآب والإبن والرُّوح القُدُس. في الليتورجيَّة البيزنطِيّة، نَجِد في طروبارية عيد الظّهور الإلهِي الكَلِمَات التَّالية: “باعتمادك يا رب في نهر الأردن ظَهَرَت السّجدة للثالوث، لأن صوت الآب تقدم لك بالشهادة، مُسمياً إياك ابنا محبوباً، والروح بهيئة حمامة يؤيد حقيقة الكلمة، فيا من ظهرت وأنرت العالم أيها المسيح الإله المجد لك”. ماذا يَعني هذا الكَلام؟
يقول يُوحَنّا في رِسالَتِهِ الأولى: “أللهُ مَحَبَّة، فَمَن يَثبُت في المَحَبَّة، يَثبُتُ في اللهِ، وَاللهُ فيه” (1يو4: 16). فالله الذي هُوَ كامل، هُوَ مَحَبَّة كامِلَة! والمَحَبَّة الكامِلَة تَفتَرِض وُجود عَنَاصِر ثلاث:
– المُحِبّ: الذي هُوَ مَصدَر الحُب.
– المَحبوب: الذي هو مَآل هذا الحُب.
– الحُب: الذي يَربِط المُحِبّ وَالمَحبوب.
مِن هُنَا نَفهَم أنَّ الآبَ هُوَ المُحِبّ، وَالإبن يَسوع المَسيح هُوَ المَحبوب، والرُّوح القُدُس هُوَ ذلك الحُبّ العَظيم الذي يَربِط بينهما في حَرَكَة رائعة:
– الله الآب سَمَّى يَسوع “إبنًا مَحبوبًا”، وَأعطاهُ كُلَّ شَيء: أعطاهُ روحَهُ…
– الإبن أنارَ العالَمَ بِكَلِمَتِهِ الإلهِيَّة، وَلأنّهُ مَحبوب، مِن أبيه، عاشَ هذا الحُبّ حَتّى مَوت الصَّليب، وَهُنَاك، عندَ لحظَة موته قال: “يا أبتَاه، بين يدَيكَ أستَودِعُ روحِي”… لَقَد رَدَّ لأبيه كُلّ شَيء، كَمَا أعطاه الآب كُلّ شَيء.
في الليتورجِيّة المارونِيَّة نَقرَأ تَرجَمَة لِنَشيد سرياني قَديم: “قَدِ اتَّخَذتُكَ يا إبن الله زادًا لي في السّفَر، وَعِندَ الجوعِ أتَنَاولُكَ يا مُنقِذَ البَشَر، تَخمُدُ النَّارَ عَنّي حِينَ تَظهَر رائحة جَسَدَكَ وَدَمّكَ المُوَقّر، سِرُّ عِمَادِكَ يَنْشُلُنِي من لُجَّةِ الغَرَق، وَأدخُلُ دارَ الحَياةِ التي لا يَعتَريهَا قَلَق”…
عِندَمَا نِلنَا سِرّ العِمَاد، أخَذنَا الرُّوح القُدُس نَفسَهُ الذي أعطاهُ الآب المُحِبّ لابنِهِ المَحبوب في نهر الأردن، وَعِندَ ساعَةِ مَوتِنَا، سَنَرُدُّ ذلِكَ الرُّوح، بَعدَمَا اتَّحَدَ جَسَدنا بِجَسَد يَسوع، وَامتَزَجَ دَمُنَا بِدَم يَسوع، لِنُصبِحَ في قلب الله، كَمَا كانَ الله ثابِتٌ فينَا… هذه هِيَ حَيَاتُنَا: رِحلَة عُبور من المَوت (الجسدي) إلى الحَياة الأبديّة في قلب المَحَبّة الكاملة: في قلب الله. والسُّؤال الذي يُطرَح عَلَينا: هل عِشنا المَحَبَّة التي دُعينا لِنَعيشها، لِنكون بِكامِل جُهوزيّتنا عندَمَا نعبر إلى بيت الآب؟
نحنُ نِلنَا الحُبّ الذي يَربط المُحِبّ والمَحبوب بالعِمَاد المُقَدَّس، وَنحنُ الذينَ زُرِعَ فينَا حُبّ الله، فَهِمنا من خلال حدث نهر الأردن أنّنا لا نَسجُد سِوَى لله المَحَبَّة: الآب والإبن والرُّوح القُدُس، فَنَموت عن العالَم الزائل، لِنَحيا حَيَاةً أبَدِيَّة لا مكانَ للموتِ فيها.
Share this Entry

الخوري يوحنا فؤاد فهد

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير