استقبل البابا فرنسيس شبيبة مشروع بوليكورو، شبكة أنشأها المؤتمر الأسقفي الإيطالي بهدف تقديم فرص عمل للشبيبة في مناطق جنوب البلاد. وفي التفاصيل، ذكّر البابا بمعنى هذه المبادرة حتى يتنشّأوا على خدمة السياسة والمجتمع، قائلاً: “هذه السنة، اخترتم السلام كموضوع. إنه موضوع لا يمكن أن يكون غائبًا عن التنشئة الاجتماعية السياسية والتي، للأسف هي ملحّة بسبب الوضع الحالي. إنّ الحرب، يا أصدقائي الأعزّاء، هي فشل السياسة”.
ثم تابع الحبر الأعظم: “تجعلنا الحرب ندرك عبثيّة التسلّح واستخدامها لحلّ النزاعات. لذلك نحن بحاجة إلى سياسة أفضل، مقتبسًا هذه العبارة من الرسالة البابوية “جميعنا إخوة”. ثم عاد البابا فرنسيس إلى السياسة التي بالنسبة إليه، لا تتحلّى اليوم بسمعة طيّبة، بالأخص بين الشباب”. تعود أسباب انعدام الثقة هذه إلى الفساد وقلّة الفعاليّة والبعد عن حياة الناس.
هذا وذكر البابا حادثة مأخودة من سفر الملوك، العهد القديم، حيث احتكر آخاب، ملك إسرائيل، بشكل غير قانوني كرم نابوت، بواسطة زوجته إيزابيل التي اتهمت نابوت زورًا. يمثّل آخاب أسوأ السياسيين، الذين لا يسعون إلى الخير العام، بل إلى مصالح شخصية ويستخدمون كلّ الوسائل لإرضاء مصالحهم”.
السياسة ليست وسيلة للتسلّط
أكّد الأب الأقدس مرّة أخرى لشبيبة بوليكورو، مختارًا لهم مثالاً “إيجابيًا” آخر من الإنجيل ليحتذوا به وهو يوسف، وأشار إلى أنّ السياسة التي تمارس السلطة باعتبارها تسلّط وليس خدمة هي عاجزة عن الاهتمام بالآخرين، وتدوس على الفقراء وتستغلّ الأرض وتدير الصراعات من خلال الحرب”. وأوضح: “يوسف لم يتصرّف كسيّد، بل كأب، هو لم يبحث عن مصالحه الشخصيّة، بل مصلحة الشعب، ضحّى بنفسه من أجل الخير العام، وأصبح صانع سلام، نسج العلاقات القادرة على تحديث المجتمع”.
دعوا أحلامكم تزدهر
يساعدنا هذان المثالان على فهم كيف يمكن للروحانية أن تغذّي السياسة. ولن أشدّد سوى على جانبين من جوانبها: الحنان والخصوبة. الحنان هي حبّ يصبح قريبًا وملموسًا، الخصوبة تهدف إلى المشاركة والرؤية على المدى الطويل، والحوار، والثقة والتفاهم والإصغاء وتخصيص الوقت، والأجوبة الجاهزة وغير المؤجَّلة”.
أنهى البابا خطابه طارحًا على الشبيبة أسئلة “يجب على كلّ سياسي أن يسألها”، والتي يمكن إيجادها في الرسالة البابوية جميعنا إخوة: “كم من الحبّ وضعتُ في عملي؟ كيف ساهمت في تطوير الشعب؟ ما البصمة التي تركتها في حياة المجتمع؟ ما الروابط الحقيقة التي بنيتها؟ ما القوى الإيجابية التي أطلقتها؟ أي سلام اجتماعي زرعته؟ ماذا فعلتُ في المكان الذي ائُتمنت عليه؟”
وخلص إلى القول بأنّه “لا ينبغي على مشاركة الشبيبة أن تتمحور حول الإجماع الانتخابي أو النجاح الشخصي بل حول إشراك الناس وتوليد روح المبادرة وجعل الأحلام تتفتّح فيشعر الناس بجمال الانتماء إلى المجتمع”.