“كم هم المسيحيّون الّذين يعملون لخلاصهم؟
يقولون أنّهم يريدون الخلاص، وقولهم باطل، لأنّهم مستندون على الكسل، والتّراخي.
يلزمنا إرادة فعّالة، وقويّة، وسخيّة، ومتأهّبة لاحتمال الذّبائح كلّها في سبيل تمجيد الله.”
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
إنّها إرادة الحياة المسيحيّة الحقّة…
تلك الإرادة الّتي لم تعِ يومًا ماهيّة الكسل، واللّامبالاة، والتّراخيّ…
الإنسان المسيحيّ، هو إنسان نشيط، ومثابر، ومندفع…
ذاك كان زاده اليوميّ … اقتات أبونا يعقوب الإيمان، غذاءً روحيّا، فامتلأ جسده قوّةً، وروحه عاشت الإرادة… روح الإيمان أمدّته بقدرة فائقة، فجعلته يقوم بأعماله كلّها، وكأنّ الربّ، معلّمه، حاضرٌ أمامه… إيمانه جعله يستحضر الله دائمًا، ويراه في كلّ موضعٍ.
لم يتراخَ…. عاش عزمًا في التّقدّم بالفضيلة… لم تبعده ضوضاء حياته، عن رؤية بهاء الرّبّ، وعن ازدياد إيمانه به… بنى مشاريع كبرى، ومؤسّساته حكت أسرار ذاك الإيمان الذّي تحلّى به، ذاك الإيمان المثمر، هو القائل” الأصل الحيّ لا بدّ من أن يورق، ويزهر، هكذا الإيمان…”
هو إيمان الأعمى، ذاك الإيمان المندفع، والمثابر إلى الوصول… هو ذاك الإيمان المتجرّد من التماس الحماية حتّى من رداء يقتنيه… لأنّه يؤمن أن المسيح وحده يستر عري خطاياه، ويلبسه الرّحمة، والخلاص… تجرّد من كلّ شيء، واقترب من الرّبّ… كان يكفيه أن يصرخ رحمةً، لتضيء عيناه، وينال ما أراده …
“الإيمان ضمان الخيرات الّتي تُرجى، وبرهان الحقائق الّتي لا ترى” (عب11/ 1)
ليتنا نتسلّح بذاك الإيمان… ساعدنا يا ربّ كي ترنو عيوننا إليك وحدك… أماكننا تضجّ بالقلق، والأزمات، والصّعوبات، ساعدنا كي نحوّل أمكنتنا إلى كنائس إيمان، ورجاء…
أبعدنا يا ابن داوود عن الجلوس على قارعة طريق، حيث الجفاء، والإهمال، والوحدة… حيث الغبار يتطاير، ويشوّه طهر نفوسنا… أنر بصرنا، وبصيرتنا لنستطيع السّير على خطاك، مستنيرين بضياء حبّك، ورحمتك.