Audience générale du Mercredi 17 Mai 2023 @ Vatican Media

ماذا يعني أن تكون تلميذًا للمسيح؟

النص الكامل للمقابلة العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء 24 أيار 2023

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!

في هذه السّلسلة من دروس التّعلّيم المسيحيّ نضع أنفسنا في مدرسة بعض القدّيسين والقدّيسات الذين يُعَلِّموننا الغَيرَة الرّسوليّة، بكونهم شهودًا مثاليّين. لنتذكّر أنّنا نتكلّم على الغَيرَة الرّسوليّة، التي علينا أن نتحلّى بها من أجل إعلان الإنجيل.

نجد مثالًا جميلًا على حبّ البشارة بالإنجيل اليوم في أرض بعيدة جدًّا، أي في الكنيسة الكوريّة. لِنَنظُرْ إلى الشّهيد وأوَّلِ كاهن كوري، القدّيس أندراوس كيم تاي غون. تمَّ إعلان بشارة الإنجيل في كوريا من قبل العلمانيّين. والعلمانيّون المعمّدون هم من نقلوا الإيمان، لأنّه لم يكن هناك كهنة: جاءوا لاحقًا، لذلك أوّل إعلان بشارة للإنجيل كان مِن قِبَلِ العلمانيّين. هل سنكون قادرين على صنع أمرٍ من هذا النّوع؟ لنفكّر: إنّه أمرٌ مهمّ. والقدّيس أندراوس هو أحد الكهنة الأوائل. كانت حياته ولا تزال شهادة بليغة على الغَيرة من أجل إعلان الإنجيل.

قبل حوالي 200 سنة، كانت الأرض الكوريّة مسرحًا لاضطهاد شديد: تمّ اضطهاد المسيحيّين وإنهائهم. كان الإيمان بيسوع المسيح، في كوريا في ذلك الوقت، يعني الاستعداد لأداء الشّهادة حتّى الموت. وفي مثال القدّيس أندراوس كيم يمكننا أن نجد في حياته جانبَين عمليّيَن.

الأوّل هو الطّريقة التي كان عليه أن يستخدمها ليلتقي بالمؤمنين. نظرًا إلى بيئة الاضطهاد الشّديدة، أُجبر القدّيس على الاقتراب من المسيحيّين بطريقة غير ظاهرة، لأنّه كان دائمًا بحضور أشخاص آخرين، وكانوا يتكلّمون بعضهم مع بعض كما لو أنّهم يعرفون بعضهم بعضًا من مدّة. لمعرفة الهوية المسيحيّة لمن يخاطبه، استخدم القدّيس أندراوس هذه الوسائل: أوّلًا، كانت هناك علامة متّفق عليها مسبقًا للتعارف: ستلتقي مع هذا الشّخص المسيحي وهو سيكون عنده هذه العلامة في ثيابه أو في يده، وبعد ذلك، كان يطرح سؤالًا بالخفية – بصوتٍ مُنخفض: ”هل أنت تلميذ ليسوع؟“. بما أنّ آخرين كانوا دائمًا حاضرين المحادثة، كان على القدّيس أن يتكلّم بصوت منخفض، وأن يقول بضع كلمات فقط، الأكثر أهميّة. لذلك، بالنسبة لأندراوس كيم، فإنّ العبارة التي كانت تلخِّص هوية المسيحيّ بصورة كاملة كانت: ”تلميذ المسيح“: ”هل أنت تلميذ المسيح؟“، ولكن بصوتٍ مُنخفض لأنّ الوضع كان خطيرًا. كان محظورًا أن تكون مسيحيًّا.

في الواقع، أن تكون تلميذًا للرّبّ يسوع يعني أن تتبعه، أن تتبع طريقه. والمسيحي بطبيعته يَعِظ ويَشهَد ليسوع. كلّ جماعة مسيحيّة تقبل هذه الهوية من الرّوح القدس، وكذلك الكنيسة كلّها، منذ يوم العنصرة (راجع المجمع الفاتيكاني الثّاني، قرار في نشاط الكنيسة الإرساليّ، 2). ومن الرّوح القدس هذا الذي نتلقّاه، يولد حبّ البشارة بالإنجيل، وهذه الغَيرَة الرّسوليّة الكبيرة: إنّها عطيّة من الرّوح القدس. ولو كانت البيئة المحيطة غير مؤاتية، مثل البيئة في كوريا التي عاش فيها القدّيس أندراوس، فإنّ الإيمان لا يتغيّر، بل يكتسب أيضًا قيمة أكبر. بيّن القدّيس أندراوس كيم والمؤمنون الكوريّون الآخرون أنّ شهادة الإنجيل التي تقدَّم في وقت الاضطهاد يمكن أن تؤتي ثمرًا كثيرًا من أجل الإيمان.

        لنرَ الآن مثالًا ثانيًا عمليًّا. عندما كان القدّيس أندراوس لا يزال طالبًا إكليريكيًّا، كان عليه أن يجد طريقة ليستقبل بشكلٍ سرّيّ المُرسَلِين القادِمين من الخارج. لم يكن الأمر سهلًا، لأنّ النّظام الحاكم في ذلك الوقت كان يمنع بشدّة دخول الغرباء كلّهم إلى أراضي الدّولة. لهذا السّبب، كان من الصّعب – قبل ذلك – العثور على كاهن يأتي للرّسالة: فالعلمانيّون هم من قاموا بالرّسالة. في إحدى المرّات – فكِّروا بالأمر الذي صنعه القدّيس أندراوس -، مَشَى في الثلج، ودون أن يأكل، لفترة طويلة، فسقط على الأرض منهكًا، وأوشك أن يفقد وعيه ويبقى هناك متجمّدًا. في تلك اللحظة، سَمِعَ فجأةً صوتًا قال له: ”قُمْ، وامشِ!“. ولمّا سمع هذا الصّوت، استيقظ أندراوس من جديد، ولاحظ أنّ ظِلَّ شخصٍ كان يقوده.

خِبرةُ هذا الشّاهد الكوريّ الكبير تجعلنا نفهم جانبًا مهمًّا جدًّا من جوانب الغَيرَة الرّسوليّة. أعني الشّجاعة لننهض من جديد عندما نقع. وهل يقع القدّيسون؟ نعم! ومنذ الأزمنة الأولى: فكِّروا في القدّيس بطرس: ارتكب خطيئة كبيرة، لكنّه تقوّى برحمة الله ونهض من جديد. ونحن نرى في القدّيس أندراوس هذه القوّة: وقع على الأرض جسديًّا ولكنّه تحلّى بالقوّة ليستمرّ، ليستمرّ في نقل الرّسالة إلى الأمام. مهما كان الوضع صعبًا، لا بل وعندما يبدو أحيانًا أنْ لم يَبقَ مجال لأداء الرّسالة الإنجيليّة، يجب ألّا نستسلم وألّا نتخلَّى عن حمل ما هو أساسيّ في حياتنا المسيحيّة، أيّ البشارة بالإنجيل. هذا هو الطّريق. وكلّ واحدٍ منّا يمكنه أن يفكّر: ”كيف يمكنني أن أعلن بشارة الإنجيل؟“. انظر إلى هؤلاء الكبار وفكّر في أمورك الصّغيرة، نحن نفكر في أمورنا الصّغيرة: نعلن بشارة الإنجيل للعائلة، والأصدقاء، ونتكلّم على يسوع. ولكن، نتكلّم على يسوع ونُعلن بشارة الإنجيل وقلبنا مليء بالفرح، ومليء بالقوّة. وهذا الفرح يعطيه لنا الرّوح القدس. لنستَعِدّ لكي نستقبل الرّوح القدس في عيد العنصرة المُقبِل ولنطلب منه تلك النّعمة، نعمة الشّجاعة الرّسوليّة، ونعمة إعلان بشارة الإنجيل، وأن نستمرّ دائمًا في حمل رسالة يسوع.

*******

 

مِن إنجِيلِ رَبِّنا يَسوعَ المَسِيحِ لِلقِدِّيسِ متَّى (10، 24-25. 27)

[قالَ يسوعُ لِلتلاميذ:] ما مِن تِلميذٍ أَسمَى مِن مُعَلِّمِهِ، وما مِن خادِمٍ أَسمَى مِن سَيِّدِهِ. فَحَسْبُ التِّلميذِ أَنْ يَصيرَ كَمُعَلِّمِهِ والخادِمِ كَسَيِّدِه. […] والَّذي أَقولُهُ لَكُم في الظُّلُمات، قولوهُ في وَضَحِ النَّهار. والَّذي تَسمَعونَهُ يُهمَسُ في آذانِكُم، نادوا بِه على السُّطوح.

كلامُ الرَّبّ

*******

Speaker:

تكلَّمَ قَداسَةُ البابا اليَومَ على القِدِّيسِ أندراوس كيم تاي غون وغَيْرَتِهِ الإنجيليَّة، وقال: كانتْ الأرضُ الكورِيَّة، قَبلَ حوالي مِئَتَيْ سنة، مَسرَحًا لاضطهادٍ شديدٍ للإيمانِ المسيحيّ. كان الإيمانُ بيسوعَ المسيحِ في ذلكَ الوقتِ يعني الاستعدادَ لأداءِ الشَّهادَةِ حتَّى الموت. أمامَ هذا الواقعِ كانتْ حياةُ القِدِّيسِ أندراوس مثالًا جميلًا على حبِّ البشارةِ بالإنجيل. نَذكُرُ مِنها مِثالَين. الأوَّل، أُجبِرَ القِدِّيسُ على الاقترابِ مِن المسيحيِّينَ بطريقةٍ غيرِ ظاهِرَة، لأنَّ ذلكَ كانَ يَتِمُّ دائمًا بحضورِ أشخاصٍ آخرين. فكانَ يَتَكَلَّمُ بصوتٍ مُنخَفِض، ويقولُ بِضعَ كَلِماتٍ فقط، الأكثرَ أهميَّة. بَيَّنَ القِدِّيسُ أندراوس أنَّ شهادةَ الإنجيلِ الَّتي تُقَدَّمُ في وقتِ الاضطهادِ يُمكِنُ أنْ تُؤتِيَ ثَمَرًا كثيرًا مِن أجلِ الإيمان. المِثالُ الثَّاني عندما كانَ القِدِّيسُ أندراوس طالِبًا إكليريكيًّا، كان عليهِ أنْ يَجِدَ طريقةً لِيَستَقبِلَ بِشكلٍ سِرِّيّ الكَهَنَةَ المُرسَلِينَ القادِمينَ مِن الخارج. في إحدَى المرَّات، مَشَى في الثَّلجِ ليلتَقِي بِهم، ودونَ أنْ يأكل، فسقطَ على الأرضِ مُنهَكًا، وأَوشَكَ أنْ يَفقِدَ وَعيَهُ ويَبقَى هناكَ مُتَجَمِّدًا. في تلكَ اللحظة، سَمِعَ فجأةً صوتًا قالَ لَهُ: ”قُمْ، وامشِ!“. ولمَّا سَمِعَ هذا الصَّوت، استَيقَظَ أندراوسُ مِن جديد، ولاحَظَ أنَّ ظِلَّ شخصٍ كانَ يَقودُه. خِبرَةُ هذا الشَّاهِدِ الكوريّ تَجعَلُنا نَفهَمُ جانِبًا مُهِمًّا جدًّا مِن جوانِبِ الغَيرَةِ الرَّسوليَّةِ وهي الشَّجاعَةُ لِنَنهَضَ مِن جديدٍ عندما نَقَع. مهما كانَ الوضعُ صَعبًا، يجبُ ألَّا نَستَسلِمَ وألَّا نَتَخَلَّى عَن الاستِمرارِ في البِشارَةِ بالإنجيل.

*******

Speaker:

أُحيِّي المُؤمِنِينَ الناطِقِينَ باللُغَةِ العربِيَّة. قيامةُ الرَّبِّ يسوعَ مِن بينِ الأمواتِ هي ينبوعُ القُوَّةِ الَّتي تَسمَحُ لنا بأنْ نَستَمِرَّ. لِهذا يجبُ ألَّا نُصابَ بالإحباط، وألَّا نَسمَحَ بأنْ تُسلَبَ منَّا عُذوبَةُ فَرَحِ البشارةِ بالإنجيل. بارَكَكُم الرَّبُّ جَميعًا وَحَماكُم دائِمًا مِنْ كُلِّ شَرّ!

*******

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2023


Copyright © Dicastero per la Comunicazione – Libreria Editrice Vaticana

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير