Pixabay Public Domain CC0

الصليب حكمة وعنوان مجد

الصَّليب تعبير عن محبّة الله

Share this Entry
قال القدّيس بولس : ” أَمَّا أَنا فمَعاذَ اللهِ أَن أَفتَخِرَ إِلاَّ بِصَليبِ رَبِّنا يسوعَ المسيح ” (غلاطية ٦ : ١٤) . وقال القدّيس أوغسطينُس : ” إنَّ حكماء هذا الدهر بالصليب وجدوا العار، وأنّ القدّيس بولس بالصليب وجد كنزًا . فما اعتبره الآخرون حماقة أصبح بالنسبة إليه حكمة ( قورنتس الأولى ١ : ١٨) ، وعنوان مجد ” .
وهكذا رأى القديس بولس الرسول مجده في الرَّبِّ يسوع وحده ، ولذلك أعلن قائلاً : ” فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذلِك ، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ ” (غلاطية ٢ : ٢٠) . فهو لا يتمجّد إلاّ بالرّب يسوع المسيح وبصليبه قبل كلّ شيء ، الذي فيه تجتمع كلّ الحوافز .
الصليب فخرنا في هذه الحياة وعلامة إيمانُنا :
الصليب المُقدّس  صالح الإنسان مع الله ، وحوّل الأرض إلى سماء جديدة ، وجمع الجنس البشري بالملائكة .
الصليب أطاح بحصن الموت والشر ، ودمّر قوّة الشرير ، وخلّص الأرض من الخطيئة ، وأرسى أسس الكنيسة .
الصليب هو إرادة الآب ومجد الابن وبهجة الرُّوح القدس …
نور الصليب يسطع أكثر من الشمس ، وبريقه يفوق وهج أشعّتها ، لأنّ الشمس عندما تُظلِم ، يتألّق نور الصليب ( متى ٢٧ : ٤٥ ) . والظلام هنا لا يعني أنّ الشمس تتوارى عن الأنظار، بل أنّ روعة الصليب تقهرها . الصليب ، ” مَحا ما كَانَ علَينا مِن صَكٍّ وما فيه مِن أَحْكامٍ وأَزالَ هذا الحاجِزَ مُسَمِّراً إياه على الصليب ” ( قولسي ٢ : ١٤ )  و ” هو الذي نجَّانا من سُلطانِ الظُّلُمَات ونَقَلَنا إلى ملكوتِ ابنِ مَحَبَّتِهِ ، فكان لنا فيه الفِداءُ  وغُفْرانُ الخطايا ” ( قولسي ١ : ١٣ – ١٤ )، وكسر سلاسل الموت .
الصليب بالنسبة لغير المؤمنين هزيمة وعار ، أمّا بالنسبة لنا فهو حبّ وانتصار ،
الصَّليب تعبير عن محبّة الله :
” أَمَّا اللهُ فقَد دَلَّ على مَحبتِّهِ لَنا بِأَنَّ المسيحَ قد ماتَ مِن أَجْلِنا إِذ كُنَّا خاطِئين ” ( روما ٥ : ٨ ) . ليس هناك ما يبرهن حبّ الله لنا أكثر من موت الرّب يسوع المسيح . وعلى حسب قول القدّيس غريغوريوس : ” إن موت ابنك يا ربّ شهادة لا تًقدّر بثمن . لقد أسلمتَه لتخلّص العبد ” .
وأحبَّ يسوع الله الآب الذي أرسلهُ ” فوضَع نفسَه وأطاعَ حتى الموت ، الموت على الصليب . لذلكَ رَفَعَه الله إلى العُلى ، ووَهَبَ له الإسمَ الذي يَفوقُ جَميعَ الأسماء كيما تجثُوَ لأسم يسوع كُلُّ رُكبَةٍ في السَّمَوات وفِي الأرض وتحت الأرض ، ويَشهَدَ كُلُّ لسانٍ أنًَ يسوعَ المسيح هو الرَّبّ تمجيداً للهِ الآب ” ( فيليبي ٢ : ٨ – ١١ ) .
” فَإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ ” ذاك العالم الذي كان في ضياع ، وفي الشدائد والإضطهادات ، في الصعوبات والعذابات والأخطاء ، ” فَإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ ، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه ، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة . فإنَّ اللّهَ لَم يُرسِلِ ابنَهُ إلى العالم ليَدينَ العالم بل ليُخلّصَ بهِ العالم ” ( يوحنا ٣ : ١٦ – ١٧) .
هكذا شرّع الصليب أبواب الفردوس وأدخل إلى رحابه اللص ، الرَّجل المجرم التائب والمعترف بخطاياه التي ارتكباه بحق الله والآخرين ، عندما صرخَ قائلاً : أُذكُرْني يا يسوع إذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ ” . فقال له يسوع : ” الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ : سَتَكونُ اليومَ مَعِي في الفِردَوس ” ( لوقا ٢٣ : ٤٢ – ٤٣ ) ، وأعاد إلى ملكوت السَّماوات الجنس البشري المحكوم عليه بالموت .
لصليبك أيُّها المسيح نسجد وإياه نُبارك ، لإنك بصليبك المُقدّس خلّصت العالم .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير