يعيش العالم اليوم في دوامة من اليأس والحزن وكأنّ كل شيء قد فقد معناه ولونه وحقيقته…
نعيش وكأننا “أموات” جميع أيامنا تشبه بعضها البعض ليس هناك أي جديد…
أيام تمرّ ونحن نعدّها وكأننا ننتظر بوم مماتنا لعلّنا نرتاح من آلامنا اليومية التي تستيقظ معنا في كل صباح…
وهناك آلام لا تستيقظ، لسبب واحد، لأنها لم تنم، فطيلة الليل وهي تحفر في قلوبنا وعقولنا فنعبّر عنها بدمعة ما أو خطيّة ما…
نعيش إحتفالاتنا وأوقات فرحنا باللحظة ذاتها لأن بعد كم دقيقة سيموت هذا الفرح وينتهي وكأن شيء لم يحدث..
ولا يقتصر ذلك فقط على إحتفالاتنا الشعبية بل أيضًا على إحتفالاتنا وأعيادنا الدينيّة. تجتمع العائلة حول مائدة الميلاد وتتبادل الهدايا والفرح، رأس السنة هو يوم الرقص والغناء والشرب العالمي هو يمثل المعنى الرائع لما هو “فرح”. أسبوع الآلام أكثر أسبوع نعيشه ونحن في قمة حياتنا الروحية ونفرح بالنشاطات الروحية الكثيفة بإنتظار عيد القيامة. ولكن الغريب في صباح اليوم الثاني من كل عيد نعود إلى حياتنا الطبيعية، إلى اليأس عينه، والروتين عينه، إلى الخطيئة والألم وكأن شيء لم يحدث…
نحتفل بولادة المسيح من دون أن نولد معه. نفرح بنهاية عام وبداية عام جديد دون أن نجدّد حياتنا ودون أن نطوي صفحات الماضي. يقوم المسيح من الموت ونصرخ قائلين “المسيح قام، حقًّا قام” ونتابع في قلوبنا هو يقوم ونحن نموت يومًا بعد يوم.
نعم، تحوّلت أعيادنا الشعبية والدينية إلى “إبرة مخدرات ومورفين” تأتي فقط لتخدرينا للحظات معينة في حياتنا وعندما ينتهي الـمفعول نستيقظ لنجد أنفسنا ما زلنا راسخين في “جورة من وحل”، نعم، أصبحنا “إنسان اللحظة”، نعيش اللحظة فقط ونجهضها بعد لحظة أخرى، وكأنه قد كتب لنا بأن نعيش دائمًا في “الألم”.
أتعرفون ما الـمشكلة؟!
نحن شعب نعيش في الماضي، شعب راسخ و”مشلّش” في الـماضي لدرجة لا يعطي معنى ليومه الحاضر، ويخاف أن يزرع أحلام وآمال لمستقبله.
نعم، كل واحد منا “عالق” في ماضِ معينّ ومنذ ذلك الوقت الأيام تمرّ ولكن عقولنا وأفكارنا ومشاعرنا ما زالت عالقة في ذلك الماضي.
ما زالت قلوبنا وأفكارنا عالقة عند موت أبي أو أمي أو صديقي الذين غادرونا على غفلة.
ما زالت قلوبنا وأفكارنا عالقة عند خيانة حبيب أو هجر حبيب ما.
مازالت قلوبنا وأفكارنا عالقة عند فشل معين تعرضت له وقد “دفنني تحت سابع أرض”.
ما زالت قلوبنا وأفكارنا عالقة عند حلم معيّن تحوّل في لحظة معينة إلى كابوس أجهض وقتل وأعدم كل أحلامي.
-يتبع-