” أحبّوا وصلوا من أجل أعداءِكم “
” يا ربّ، لا تَحسُبْ علَيهم هذهِ الخَطيئَة ” (أعمال الرُسُل ٧ : ٦٠)
أحبائي ، في تأملنا اليوم ، لِنَقتَدِ بِرَبِّنا ومعلمنا الإلهيّ يسوع المسيح ، وَلنُصَلِّ من أجل أعدائنا … لأنّ الرّبّ يسوع وهو مصلوب على الصليب صلّى لأبيه من أجل صالبيه.
قد تتسأل اليوم ودائماً : كيف يمكنني الاقتداء بالرّب يسوع المسيح ؟
اِعلَم أنّك تستطيع ذلك إذ أردتَ ، فلو لم يكن بإمكانك أن تقتدي به لَمَا قال لنا : ” تعلموا مني ، اِحمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب ، تَجِدوا الراحة لنفوسكم ، لأن نيري لطيف وحِملي خفيف ” (متى ١١ : ٢٩) .
فإذاً ، إقتدِ بالربّ يسوع ، واقتدِ ايضاً بخادمه وشمّاسه وأعني القدّيس إسطفانُس اول الشُهداء . هو في الواقع قد اقتدى بالربّ . كما أنّ الربّ وهو مصلوب بين اللصّين ، صلّى إلى الآب من أجل صالبيه قائلاً : ” يا أبتِ اغفر لهم ، لأنهم لا يعلمون ما يفعلون ” (لوقا ٢٣ : ٣٣ – ٣٤)، هكذا فعل القديس إسطفانُس خادمه ، الّذي كان وسط من يرجمونه، والحجارة تنهال عليه من الجميع، فإنّه احتمل الرجم ولم يبالِ بالآلام الناجمة عنه وقال : ” يا ربّ ، لا تَحسُبْ علَيهم هذهِ الخَطيئَة ” (أعمال الرُسُل ٧ : ٦٠) .
عزيزي المؤمن ، أرأيت كيف تكلّم يسوع الابن ؟ أرأيت كيف صلّى إسطفانوس الخادم ؟ قال الأوّل : ” يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون ” (لوقا ٢٣ : ٣٤) ، وقال الثاني وهو ينظر إلى السماء وممتلئ من الرُّوح القُدُس : ” يا ربّ، لا تَحسُب عليهم هذه الخطيئة ” . واعلم أيضاً أنّه لم يُصَلِّ وهو واقف ، بل ركع على ركبتيه وصلّى بحرارة وخشوع كثير …
فالرّب يسوع المسيح الذي قال : ” يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون ” . وهتف إسطفانس قائلاً : ” يا ربّ ، لا تَحسُبْ علَيهم هذهِ الخَطيئَة “، وكذلك قال بولس الرسول بدوره : ” لقَد وَدِدتُ لو كُنتُ أَنا نَفْسي مَحْروماً ومُنفَصِلاً عنِ المسيح في سَبيلِ إِخوَتي بَني قَومي بِاللَّحمِ والدَّم ” (رومة ٩ : ٣) . وأيضاً قال موسى : ” والآنَ إِن غَفَرتَ خَطيئَتَه … وإِلاَّ فامحُني مِن كِتابِكَ الَّذي كتَبتَه” ( سفر الخروج ٣٢ : ٣٢ ) . والنبي داود قال : ” فلتَكُنْ علَيَّ يَدُكَ وعلى بَيتِ أَبي” ( سفر صموئيل الثاني ٢٤ : ١٧) …
أخي المؤمن :
قل لي ، أي غفران سننال نحن المؤمنين بالرب يسوع المسيح إذا كان هو نفسه ، وخدّامه في العهدين القديم والجديد ، كلّهم يحثّوننا على الصلاة من أجل الأعداء ومحبتهم ، متمنين قوله : ” أحِبُّوا أعداءَكم وصلوا من أجل مضطهِديهم ، لتصيروا بني أبيكم الذي في السَّمَوات ، لأنه يُطلع شمسه على الأشرار والأخيار ، وينزلُ المطر على الأبرار والفجَّار . فإن أحببتم من يُحبكم ، فأي أجرٍ لكم ؟ أو ليس العشّارون يفعلون ذلك ؟ وإن سلّمتم على إخوانكم وحدهم ، فأي زيادةٍ فعلتم ؟ أو ليس الوثنيون يفعلون ذلك ؟ فكونوا أنتم كاملين ، كما أنَّ أباكُمُ السماويّ كاملٌ وقدوس ” ( متى ٥ : ٤٤ – ٤٨ ) .
مع الأسف نحن نفعل العكس ونصلّي ضدّهم !!!
يا رب علمنا أن نُصلّي الصلاة التي علمتنا إياها بإيمان قائلين : ” اغفر لنا ذنوبنا وخطايانا كما نحن نغفر لمن أخطأ وأساء إلينا ” ، وكلنا آذان صاغية لتعاليمك : ” فإن تَغفِروا للناس زلاتهم يَغْفِرُلكم أبوكم السماويّ . وإن لم تَغفِروا للناس لا يغفر لكم أبوكم زلاّتكم ” ( متى ٦ : ١٢ – ١٥ )
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك