بومباي هي مدينة رومانية مهدمة تقع قرب مدينة نابولي في إقليم كامبانيا الإيطالي، في الأراضي التابعة إدارياً لبومباي. لقد دمّرت هذه المدينة جراء ثوران بركان جبل فيزوف عام ٧٩ ميلادي . كما أنّ المدينة التي نشأت على بعد ميل من هذه الأنقاض قد تعرضت هي الأخرى لمأساة كبيرة عندما تعرضت للخراب عام ١٦٥٩ نتيجة وباء الملا ريا الذي اجتاحها و قضى على معظم سكانها.
من هو بارتولو لونجو ؟
وُلد بارتولو لونغو عام ١٨٤١ في لازيانو في إيطاليا، و هو ابن لأب طبيب و أمّ تقيين . و قد حرصت أمّه أن ينمو في قلب إبنها بارتولو منذ نعومة أظفاره حبّ كبير للعذراء مريم من خلال صلاة الوردية . في عام ١٨٧١ أصبح بارتولو راهباً دومينيكانياً من الجماعة الدومينيكانية الثالثة و اتخذ اسم الأخ الوردية.
وصل بارتولو عام ١٨٧٢ إلى منطقة مستنقعات بومباي يصحبه حارسان مسلحان لحمايته من قطاع الطرق الذين كانوا يسيطرون على المنطقة و قد شعر بالصدمة و الشفقة لما كانت عليه حال سكان المنطقة من جهل و فقر و قلة معرفة بالدين المسيحي ، بالإضافة إلى كونه كان يصارع شكوكه حول الإيمان المسيحي.
و في يوم ٩ أكتوبر / تشرين الاول ، وفيما كان يتجول في مناطق الأبرشية ، سمع بوضوح صوتاً يقول له : ” يا بارتولو ، إذا كنت تلتمس الخلاص، انشر صلاة الورديةالمقدسة . هذا هو وعد مريم نفسها ” . فتحرك قلبه الكريم، و وعد العذراء الأمّ القديسة بأن يفعل كلّ ما بوسعه ليعزز حبّ الوردية بين سكان المنطقة لهذه الغاية وهو الخلاص .
ولكي يجذب الناس لمحبة مريـم العذراء وصلاة ورديتها أقام مهرجانات سمّاها : ” مهرجانات الوردية ” تضمٰنت ألعاب ومسابقات وحتى يانصيب لجمع الأموال لطبع الكتب وترميم الكنيسة .
بدأ بعد ذلك بترميم الكنيسة المهدمة في أكتوبر / تشرين الأول ١٨٧٣، و رعى مهرجاناً لتكريم سيدة الوردية المقدسة ، و في عام ١٨٧٥، اقتنى لونغو صورة ممزقة ومهترية لسيدة الوردية من دير في نابولي و جمع التبرعات مرّةً ثانية لإعادة ترميمها حتى يتم وضعها على الهيكل الرئيس في الكنيسة .
شفاء فورتونا أغريللي :
كانت الفتاة الصغيرة فورتونا أغريللي من مدينة نابولي تعاني من مرض مؤلم و غير قابل للشفاء، و قد فقد معظم الأطباء المشهورين الأمل في شفائها. في ١٦ فبراير / شباط ١٨٨٤ ، بدأت الفتاة المتألمة و أقرباؤها صلاة تساعية الوردية. و قد تكرّمت عليها سلطانة الوردية المقدسة بالظهور في ٣ مارس / آذار .
في الرؤية رأت الطفلة فورتونا العذراء مريم تجلس على عرش عالٍ ، تحيط بها أشكال مضيئة، وفِي حضنها يَجلس الطفل يسوع ، و في يدها المسبحة الوردية . و كانت الأمّ العذراء مريـم والطفل يسوع يرتديان أثواباً مزينة بالذهب . و كان يرافقهما القديس دومينيك ( عبد الأحد ) و القديسة كاترين السيانيّة.
ملأت الدهشة فورتونا من جمال القديسة مريم و طلبت منها أن تشفيها منادية إياها باسم ” سلطانة الوردية “. فردّت عليها القديسة مريم لكونها قد نادتها بلقب يسرّها جداً، وهو ” سُلطانة الورديّة ” ، فلن ترفض لها طلبها، ثمّ طلبت منها بأن تصلّي ثلاث تساعيات من المسبحة الوردية لتنال كلّ ما طلبته ، وبعد صلاة التساعيات الثلاث شفيت الفتاة بالفعل من مرضها الخبيث .
وبعد ذلك بفترة وجيزة ظهرت لها العذراء مريم ثانية و قالت لها : ” كلّ من يرغب في الحصول على نعم وعطايا مني عليه القيام بثلاث تساعيات طلب من المسبحة الوردية و ثلاث تساعيات شكر ” و هكذا بدأ تكريم العذراء مريم بتساعيات المسبحة الوردية
في عام ١٨٨٣ميلادية بُنيت كنيسة و وضعت على هيكلها الرئيسي الأيقونة العجائبية المرممة و تمّ تكريسها عام ١٨٩١. و قد حصلت معجزات كثيرة نُسبت لشفاعة العذراء سيدة بومباي . و تصوّر الأيقونة العذراء مريـم سيدة بومباي ، سيدة الوردية المقدسة كملكة السماء ، و تقدمّ هي و ابنها يسوع مسبحتي الوردية للقديس دومينيك و للقديسة كاترين السيانيّة. و هذه الأيقونة مرسومة بالأسلوب الشرقي لرسم الأيقونات المعروف في القرن السادس الميلادي .
قام قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني بزيارة بومباي في ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ( شهر الورديّة المقدسة عام ١٩٧٩ و كان التجمّع في ذلك اليوم تاريخي وبمثابة حجّ وطني إلى مزار سيدة بومباي ، و في ٢٦ أكتوبر / تشرين الأول عام ١٩٨٠ زار قداسته المزار مرّةً ثانية وأعلن خلاله بارتولو لونغو طوباوياً و قد سمّي ” رجل السيدة العذراء ” و ” رسول الوردية “.
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك