L'Assomption de la Vierge Marie par Charles Lebrun (Musée de Cherbourg), wikimedia commons

أمّ الكنيسة الجامعة، وأُمّ البشريّة عامةً

عيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry
” يسوع صعد إلى السماء بقوته الإلهية والعذراء مريم  انتقلت بالنفس والجسد إلى السماء بسلطان إبنها “
” المرأة الملتحفة بالشمس والمكللة بالنجوم ” (  رؤيا ١٢ : ١ ) هذه العلامة العظيمة ، تدعونا للتأمل بمريم، المكلّلة بالمجد إلى جانب ابنها الإلهي ،  تدعونا لندرك المستقبل الذي ما زال الرب القائم من الموت والصاعد إلى السماء يفتحه أمامنا .
القديس بولس يُصرح قائلاً  بأن المسيح هو : ” آدم الجديد” ، الذي بطاعته إلى الآب هدم ملكوت الخطيئة والعبودية وأقام ملكوت الحياة والحرية (  قورنتس الاولى :  ١٥ :  ٢٤ – ٢٥ ) .
الحرية الحقة تكمن في قبول المُحب لإرادة الآب . من مريم ، حواء الجديدة ، الممتلئة نعمةّ ، نتعلم أن الحرية المسيحية هي أمر أكبر من مجرد التحرر من الخطيئة . إنها حرية تفتح على شكل روحي جديد لاعتبار الوقائع الأرضية ، هي حرية محبة الله والإخوة والأخوات بقلب نقي وعيش الرجاء والفرح بملكوت المسيح الآتي .
اليوم ، ونحن  نكرّم مريم سيدة الانتقال و ملكة السماء ، نتوجه إليها كأم الكنيسة الجامعة ، وأُمّ البشريّة عامةً . ونطلب إليها أن تساعدنا لكي نكون أمناء إلى الحرية الملكية التي تلقيناها في يوم المعمودية ، ولكي نُضاعف  جهودنا لتحويل العالم بحسب إرادةِ الله ، وأن تجعل الكنيسة في بلادنا قادرةً على أن تكون بشكل أكمل خميرة ملكوت الله في كل المجتمع .
فلنكن ، نحن جسد يسوع السريّ قوة سخية للتجدد الروحي في كل أبعاد المجتمع . ولنقاوم  سحر الحياة المادية الخادع الذي يخنق القيم الروحية والثقافية والإنسانيّة الأصيلة ، وللننتصر على روح المنافسة التي لا تعرف حدًا والتي تولّد الأنانية والحقد والبغض والصراعات . ولنرفض أيضًا النماذج الاقتصادية غير الإنسانية التي تولد أشكالًا جديدة من الفقر ، وتهمّش العمّال والمرضى ، وثقافة الموت التي تُفرغ صورة الله ، إله الحياة ، وتنتهك كرامة كل رجل و كل امرأة وكل طفل .
ونحن نحتفل بهذا العيد ، نتحد بالكنيسة الجامعة المقدّسة الرسولية ، المنتشرة في العالم بأسره وننظر إلى مريم مثل رجاءنا . متذكرين  نشيد التعظيم وهو : أن الله لا ينسى أبدًا وعود رحمته ومحبته للبشر (لوقا ١ : ٥٤ – ٥٥ ) .
 مريم طوباوية لأنها ” آمنت بما قيل لها من عند الرب ” (لوقا ١ : ٤٥ ) . فيها ظهرَ وبانَ  أن كل وعود الرب هي صادقة .
بتكلّلها في المجد ، تُبيّن لنا مريم أن الرجاء أمر واقعي ،  ومنذ الآن هذا الرجاء يتجلى كـ ” مرساة أمان ثابتة لحياتنا ” (عبرانيين ١٩ : ٦ ) ، حيث المسيح جالس بالمجد .  هذا الرجاء ،  الذي يُقدمه الإنجيل لنا ، يناهض روح اليأس الذي يبدو وكأنه ينمي مثل مرض عضال خبيث في وسط مجتمع غني ظاهريًا ، ولكنه يترك غالبًا فراغًا ومرارة باطنية . كم من الأشخاص وخاصةً الشباب دفعوا ثمن هذا اليأس ! فليحفظ الرب بشفاعة العذراء مريم ، سيدة الشباب على إيمانهم وفرحهم وثقتهم ، لكي لا يتضعضع رجاؤهم !
فلنتوجه إلى مريم ، أم الله ، سيدة الإنتقال ، ونطلب منها نعمةً ، نعمة أن نكون دائماً مرتفعين عن الأرضيات ، فرحين في حرية أبناء الله ، وأن نستعمل تلك الحرية بشكل حكيم ، لكي نخدم إخوتنا وأخواتنا، وأن نعيش ونعمل بشكل جدّيّ ، ونكون في بلادنا ومجتمعاتنا  علامات رجاء وفرح ، ذلك الرجاء الذي  نجده في الملكوت الأبدي .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير