يذكر مرقس البشير خبر استشهاد يوحنا… وفي هذا النص نقرأ الآية التالية: «لأَنَّ هِيرُودُسَ كانَ يَهَابُ يُوحَنَّا، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ رجُلٌ بارٌّ قِدِّيس». (مرقس٦: ٢٠)
هيرودوس كان يهاب يوحنا… لأنه يعلم أن يوحنا يقول له الحقيقة كما هي: لا يحق له أن يتزوج من امرأة أخيه هيروديا…
فبدل أن يقبل هيرودوس الحقيقة من فم يوحنا ويرجع عن شروره، سمع كلام هيروديّة وقطع رأس القدّيس من أجل رقصة ابنتها!
في ذلك درس لنا:
كثيرة هي الأوقات التي نرفض فيها سماع كلمة الحق مع أننا نعلم أنها حق!
كثيرة هي الأوقات التي نقوم فيها بما هو باطل ومخالف للحق، ونحاول إظهاره على أنه خير وحق!
كثيرة هي الأوقات التي فيها نقتل (جسديا أو معنويا) الذي يحمل صوت الحق!
ماذا فعل هيرودس؟ لقد وعد سالومة بنت هيرودية بما تطلبه ولو كان نصف المملكة… علّمت هيرودية ابنتها بأن تقول لهيرودس بأنها تريد على طبق رأس يوحنا المعمدان… لقد أراد هيرودس أن يظهر على أنه الملك الذي يفي بوعده، فقتل يوحنا…
ونحن في كثير من الأحيان نتظاهر ببعض الخير الذي فينا لنغطي جريمتنا بحق الحقيقة، تماما كما وفى هيرودس بوعده ليكون ذلك الخير الظاهر في الواقع مكرٌ وحقد تجاه الحقيقة… لو مهما حاولنا بأن نقلب الأمور، ونجعل من الباطل حق ومن الحق باطل، لن نستطيع إسكات صوت الحق حتى لو قطعنا رأسه!