يوم الاثنين 4 تشرين الثاني، ترأس البابا فرنسيس في البازيليك الفاتيكانيّة قدّاساً على نيّة الكرادلة والأساقفة الذين توفّوا خلال السنة المنصرمة. وقد تلا عظة، قال فيها، كما أورد الخبر القسم الفرنسي من زينيت: “اذكرني متى أتيت في ملكوتك (لو 23، 42): إنّها الكلمات الأخيرة التي تفوّه بها أحد المصلوبَين قرب المسيح. ليست كلمات قالها أحد الرّسل الذين تبعوا يسوع في طرقات الجليل أو شاركوه العشاء الأخير. بل إنّ مَن يُخاطب المسيح هو لصّ، رجل نجهل اسمه حتّى، التقى به في آخر حياته، وقد أصبحت أنفاسه الأخيرة حواراً مليئاً بالحقائق… وفي هذه الحالة، يُمثّلنا اللصّ جميعاً، إذ نتوجّه ليسوع للقول: اذكرني يا رب متى أتيتَ في ملكوتك… لا تنسَني”.
وأضاف البابا: “فلنتأمّل بفعل التذكّر أو عدم النسيان: إنّه يعني الإعادة إلى القلب. إنّ الرجل المصلوب يُحوّل ألماً إلى صلاة ويقول: ضعني في قلبك يا رب، ويقول ذلك بصوت مليء بالرّجاء. وهذا كلّ ما يريده المذنب في اللحظة الأخيرة قبل الموت. أمّا الرب، فيُصغي إلى صلاة الخاطىء حتّى النهاية. قلب الرب المطعون بالحربة قلب مفتوح، يستقبل صوت مَن يموتون. وجوابه: اليوم تكون معي في الملكوت. إنّ ذاكرة يسوع حيّة وهي غنيّة بالرّحمة، وفعّالة. وفيما تنطفىء حياة الإنسان، محبّة الله تُحرّر من الموت، فيُصبح الغريب رفيقاً…
فلنُفكّر… كيف ألتقي يسوع؟ أو بالأحرى هل أسمح له بلقائي؟ أو أنّني أنغلق في أنانيّتي وألمي وكفايتي الذاتيّة؟ هل أشعر أنّني خاطىء لأدع الرب يلتقيني، أو أنّني أشعر أنّني صالح وأقول للرب “أنتَ لا تنفعني”؟ يسوع تذكّر المصلوب قربه، وتنبُّهه حتّى النَّفس الأخير يجعلنا نفكّر: هناك أساليب عديدة لنتذكّر الأشخاص والأشياء… فلنسأل أنفسنا: كيف هم الأشخاص في قلبنا؟ كيف نذكر من مرّوا قربنا خلال أحداث الحياة؟ هل أدين؟ هل أقسم؟ هل أستقبل؟ أيّها الإخوة، مع اللجوء إلى قلب الله، يمكن للأفراد اليوم أن يأملوا الخلاص… فذاكرة الرب تحفظ التاريخ كلّه، وهو الديّان الرحوم. وأنا… هل أنا قريب من الناس؟ هل قلبي عطوف؟ هل أرحم الآخرين؟ بهذا الإيمان، نصلّي لأجل الكرادلة والأساقفة المتوفّين خلال السنة المنصرمة… لقد أحيوا الكنيسة كلّ على طريقته، لكنّهم أحبّوها…وأدعوكم إلى القول: يا يسوع، اذكرنا”.