CC0, creative commons, pixabay

قيادة بلا قيود: رحلة جديدة في عالم القيادة

هل تقود في اتجاه إيجابي أم في اتجاه سلبي؟

Share this Entry

عندما نفتح أفقنا على عالم القيادة، نجد أن الأساليب التقليدية لم تعد فعالة أمام التغيرات السريعة في بيئة العمل؛ إذ أن القيادة في بيئة العمل الحديثة تحمل العديد من الضغوط والتحديات. ولم يعد النجاح في القيادة مرهونًا بكون القائد مؤهلًا وقادرًا على استخدام الأدوات والأساليب التقليدية فقط، بل يجب عليه التفكير خارج الصندوق واستخدام أساليب جديدة حتى وإن كانت جريئة أو مناقضة للتقاليد، ومؤلف كتاب كيفن كروس “القادة العظماء ليس لديهم قواعد” يمنحنا توجيهًا جديدًا للقيادة يفتح الباب أمام الإبداع والتفكير الجديد؛ حيث يطرح الكتاب مبادئ ثورية تتحدى كل التقاليد السابقة.

من خلال قراءتي للكتاب، وجدت أن كروس يُقدم بعض المبادئ الثورية التي تعتبر تحديًا للقواعد القديمة، تهدف العناصر التي وضعها كروس بالتأكيد إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها القائد حتى يصبح أكثر فعاليةً، ويحقق النجاحات بفاعلية بعيدًا عن الضغوط التقليدية، نستعرض هنا بعضًا من هذه المبادئ:

  • نهاية سياسة الباب المفتوح: وهي في الواقع جزءٌ من أهمية أساسيات العمل والتي تجعل المكان إنسانيًا، لكن كروس يرى أن أهميتها تنخفض حيث تُبدد تركيز القائد من جانب وتقلل من إنتاجيته من ناحية أخرى، لذا يقترح الاستعاضة عن هذه السياسة بالاجتماعات الأسبوعية والمتكررة وساعات العمل المجدولة مسبقًا حتى يتمكن القائد من توجيه اهتمامه نحو أعماله الرئيسية.
  • إغلاق الهواتف الذكية أثناء الاجتماعات: إذا كنت تستخدم الموبايل في الاجتماعات، فإن الأبحاث تشير إلى أنه من غير المناسب استخدامه على الإطلاق في أي نوع من الاجتماعات، على القائد ترك الموبايل في مكتبه واستخدام القلم والدفتر في الاجتماعات إذا لزم الأمر لتجنب التشتيت وللبقاء يقظًا وحاضرًا.
  • إيقاف تشغيل الهواتف الذكية خلال الاجتماعات: تشير الدراسات إلى أن استخدام الهواتف المحمولة خلال الاجتماعات يمنع التركيز والانتباه، يُفضل أن يترك القادة هواتفهم في مكاتبهم، والاعتماد على الأقلام والدفاتر لتدوين الملاحظات عند الحاجة، وذلك لتفادي التشتيت والحفاظ على الوعى والانتباه أثناء الاجتماعات.
  • نبذ القواعد الصارمة: القواعد أدوات وليست غاية، في كل مرة نصطدم فيها بقاعدة ما، فإن ذلك يحرمنا من الفرصة لاتخاذ خيار أو قرار، بدلاً من القواعد الصارمة التي تحُد من الإبداع، ضع معايير أو حدود متجذرة في قيم المؤسسة، تحدد للأفراد النطاق الذي يمكنهم العمل ضمنه.
  • القواعد صارمة: القواعد أدوات وليست غاية، على سبيل المثال، كلما تصادمنا مع قاعدة، يمكن أن تحرمنا من فرصة لاتخاذ خيار أو قرار، بدلًا من القواعد الصارمة، التي تقيد الإبداع، ضع معايير تحدد للأفراد النطاق الذي يمكنهم العمل ضمنه.
  • الجدارة بمحبة الآخرين دون السعي إليها: عليك أن تدرك أن أفراد فريقك لا يحتاجون إلى صديق آخر، بل يحتاجون إلى قائد يدربهم ويطور حياتهم المهنية، والذي سيتخذ القرارات الصعبة أحيانًا لحماية الفريق أو تقدم المؤسسة، استبدل حاجتك إلى أن تكون محبوبًا بالحاجة إلى القيادة الصحيحة، واستبدل حاجتك لأن تكون محبوبًا من الجميع، بإدراك أنه إذا كنت محبوبًا من عائلتك وأصدقائك المقربين فهذا يكفي.
  • القيادة بالحب: القادة الذين يعتمدون على الاهتمام بأفراد الفريق وبالتالي بناء بيئة عمل داعمة، يحققون مشاركة عالية ونتائج عمل استثنائية.
  • استخدام المفكرة لتوزيع المهام: القادة العظماء يعلمون أن كل دقيقة تُهدر مجانًا هي دقيقة أخرى لا يمكن الاستفادة منها في تدريب فريقهم أو تحقيق النتائج، لذلك قم بجدولة كل شيء، حدد المهام للتأكد من أنها لا تفوق عدد ساعات العمل، حتى وقت الاستراحة ووقت التفكير، قم بجدولة ذلك أيضًا، القادة العظماء، في الواقع يقومون بجدولة وقت اللاشيء أيضًا.
  • المحاباة لا المحسوبية: يعامل الكثير من القادة جميع أعضاء فريقهم بنفس الطريقة، ولكن اتضح أن هذا هو الشيء الأكثر ظلمًا الذي يمكننا القيام به تجاه الناس، وهي أسرع طريقة لخسارة المميزين، بدلاً من معاملة الجميع على حد سواء، عليك أن تتعلم كيفية تخصيص نهج قيادتك بشكل فردي، يجب أن تأخذ الوقت الكافي لفهم كل عضو من أعضاء فريقك عندما يتعلق الأمر بمواهبهم وخبراتهم ونقاط قوتهم وأهدافهم، ثم تقوم بالتفضيل، ليس بناءً على من يعجبك أكثر، ولكن بناءً على ما استحقه.
  • الشفافية العالية: لكي نتنافس اليوم، يتعين علينا أن نستبدل عبارة “المعرفة قوة” بمقولة “المشاركة قوة” من أجل بناء علاقة تتميز بالثقة، فالشفافية تعني مشاركة كل شيء بما في ذلك البيانات المالية اللازمة لفهم ما الذي يجعل المؤسسة تنجح.
  • إظهار نقاط الضعف: يدرك أفضل القادة أن إظهار نقاط الضعف والجانب الإنساني لديهم، من أسرع الطرق لكسب الثقة، فشارك إخفاقاتك السابقة كتجارب تعليمية لمن حولك، وكي يشعر أفراد الفريق بإنسانيتك وبأن الخطأ طبيعة بشرية مقبولة.
  • القيادة ليست خيارًا: يتفق العظماء جميعاً على أن القيادة في كلمة واحدة هي التأثير، إنك تؤثر عندما تقف في وجه المتنمر، ولكن أيضًا عندما تظل متفرجًا، أنت تؤثر عندما تتحدى الفكرة في قاعة الاجتماعات، وكذلك عندما تلتزم الصمت، القيادة ليست خيارًا، لأنك تقود (أي تؤثر) طوال الوقت، وهذا يعني أنك لا تقود العمل فحسب، بل أينما كنت، لكن هل تقود في اتجاه إيجابي أم في اتجاه سلبي؟ انتبه إلى قوتك كقائد.

ما يميز هذا الكتاب هو الجرأة التي قدم بها أفكارًا تتعارض مع المبادئ التقليدية للقيادة، حيث يتحدث كروس أيضا ضمن كتابه عن الذكاء الاصطناعي وتأثيره المحتمل على القيادة، وعن إمكانية استبدال نسبة كبيرة من القادة الحاليين بالذكاء الاصطناعي في المستقبل، هذه الفكرة تدفع القادة إلى إعادة التفكير في تبني أساليب قيادية أكثر ابتكارًا.

الاستفادة من كتاب كروس لا تنطبق على مكان العمل فقط، بل على مختلف مناحي الحياة، هو ليس مجرد كتاب عن القيادة، ولكنه دعوة إلى التغيير الجذري في الطريقة التي ندير بها مؤسساتنا، دعوة لتبني مبادئ جريئة والابتعاد عن القواعد التقليدية لصالح أسلوب يركز على الاستقلالية، والنتيجة، والثقة، والمرونة، والتعلم المستمر مع هذه المفاهيم يمكن للقائد تحقيق النجاح المستدام في عالم اليوم المتغير وتطوير أسلوب قيادته وتحقيق المزيد من النجاح في بيئته العملية.

Share this Entry

الأب عماد طوال

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير