سنبقى في هذه الأرض: بنوره سيكسر الحقد

أشكال التسلّط

Share this Entry
عندما طغى الحقد على الإنسان، تَسَلّط على أخيه الإنسان لِيُخضِعه، واستعمل طُرق عديدة لذلك… في سفر الملوك الأول (الفصل ٢١) نقرأ خبر نابوت اليزراعيلي كيف أراد أحاب الملك أن يشتري أرضه، ميراث الأجداد، ليُحوّلها إلى مشتل للبقول… لنتخيل للحظة: ملك، بكل ما لديه من سلطة، يريد من رجل فقير قطعة أرض ليزرع فيها… البقول!
بالنسبة لنابوت، الأرض هي ميراث الأجداد، وهي ملكه، إذا: سيعيش منها، ويقف عليها حرًّا…
بالنسبة لأحاب الملك، الأرض هي له حتى لو رفض نابوت، ولا يهمه منها سوى بسط السُّلطة… وهو الملك الذي أراد أن يستقوي على خصومه في الأرض التي سكنها كل الشعب، فتحالف مع ملك صور وتزوج إيزابيل ابنته، وجعلها في بيته تتسلط على كل شيء، حيث أدخلت العبادات والعادات الوثنية… لا يهم… حتى الله يمكنه أن يضعه جانبا عندما تتعلق الأمور بالسُّلطة… لذلك اتفق مع زوجته الوثنية وقتلوا نابوت بحكم الرجم، وماذا كانت التهمة؟ التّجديف على الله!!!!! تلك هي التهمة الجاهزة التي لا يمكن أن تُدحض، ولا أن تُرفَض…
من قايين وهابيل، إلى أيام نوح، ونابوت، وكثير من الأنبياء الذين قُتلوا لأنهم أعلنوا كلمة الله باستقامة ضمير، وحتى يسوع الذي تحالف ضده اليهود مع أعدائهم الرومان فقط لأنهم أرادوا إسكاته، كي لا يسمعوا كلمة الحق… لقد سمع قايين كلمة قاسية من الله: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ» (تكوين٤: ١٠) ويسوع قال أيضا: «لِكَيْ يُطْلَبَ مِنْ هذَا الْجِيلِ دَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ الْمُهْرَقُ مُنْذُ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا الَّذِي أُهْلِكَ بَيْنَ الْمَذْبَحِ وَالْبَيْتِ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ هذَا الْجِيلِ!» (لوقا١١: ٥٠-٥١)…
بعد قيامة يسوع من بين الأموات، بقي ذلك الحقد نفسه في قلوب الكثيرين، ومنهم شاول (بولس) الذي بدأ يترجم حقده بالتسلط على المسيحيين، وسَوقهم للمحاكمة والقتل… وفيما هو حاقد عليهم، وذاهب لإهلاكهم وهو يظن أنه يدافع عن الله، «اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلًا لَهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ» (أعمال١١: ٣-٥)… ومن تلك الحادثة أصبح شاول رسولا ليسوع، لصوت الحق الذي أسكته الحاقدون… ولكن، مع بولس، كان يسوع قد كسر الموت والحقد بقيامته، لقد كسر حقد قايين على أخيه، وحقد أحاب على نابوت…
وفي أيامنا، أحقادٌ كثيرة تُسَلّط الإنسان على أخيه الإنسان، والتُّهَم جاهزة… والتسلط له أشكال: حروب، إستقواء بالغريب، تجويع، فساد، طائفية… سيتدخل الرب، ويلف بنوره كل حاقد، وسيناديه باسمه كما نادى شاول، ويكسر حقده، ويجعله خادمًا للحقيقة…
Share this Entry

الخوري يوحنا فؤاد فهد

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير