Unsplash - pixabay - CC0

ما أهميّة تدوين يوميّات روحيّة؟

رحلة مع الذات

Share this Entry

ترجمة ألين كنعان إيليا

تدوين يوميّات روحيّة

يكشف لنا يسوع عن ذاته على امتداد الزمن من خلال كلمته عندما نصغي إليها وأحداث حياتنا. إنما لغته تتطلّب منّا انتباهًا كي نفهمها. من هنا، نشأت ممارسة تدوين اليوميات الروحية، التي ينبغي تمييزها عن اليوميات الشخصية بحيسب ما ورد في مقال مأخوذ من رسالة فرق السيّدة باللغة الفرنسيّة بعنوان “الفضائل”، رقم 255، صدرت في شباط\آذار 2024، كتبها كزافييه أكارت، رئيس تحرير مجلّة “الصلاة” من فرقة أنطوني 11.
يمكن أن تتّخذ اليوميات الروحيّة أشكالاً متنوّعة، إذ تساعد على توثيق الكلمات والأحداث التي أثارت صدىً في داخلنا، لاكتشاف الخيط الناظم في حياتنا.
كما يمكن لتذكّر النِعم التي نلناها أن تُشكّل مصدر قوة في أوقات الجفاف الروحي.

إنشاء دفتر للكلمات المُلهمة
يتمثّل الشكل الأساسي لليوميات الروحية بشكل أساسيّ في تدوين وتأريخ الكلمات التي أثارت صدًى في داخلنا كل يوم، سواء أكان ذلك عند التأمل في الكتاب المقدس، أو أثناء القداس، أو حتى من خلال قراءة عادية.
وسرعان ما تتوغّل هذه الكلمات إلى أعماق قلوبنا عندما ندوّنها. وإذا ما واظبنا على هذه الممارسة وقمنا بإعادة قراءة الملاحظات التي دوّناها على مدى أسابيع عديدة أو أشهر أو حتى سنوات نستطيع تمييز مسار حياتنا.

إغناء اليوميات الروحية بالتأمّل
إن أردنا أن يحمل هذا التمرين ثماره، يمكننا إضافة تعليق موجز إلى جانب الآية أو الكلمة التي لمستنا.
كان ينصح ثيوفان وهو ناسك روسي من القرن التاسع عشر، “بتدوين كلّ صباح، ببساطة، ما يخطر في البال أثناء قراءة الإنجيل أو التأمّل فيه”.
وبهدف تسهيل هذه العمليّة، يمكننا أن نطرح على أنفسنا الأسئلة الآتية: “كيف أتغذّى من هذه الكلمة؟ هل تساعدني على التأمّل في يسوع؟ كيف هو يسوع، ماذا يفعل؟ كيف يتحدّث إليّ؟ هل تدعوني هذه الكلمة إلى تغيير أمر ما في حياتي؟ هل توجد خطوات عمليّة لتحقيق ذلك؟”

تمييز عمل الله

يمكن لحدث ما في حياتنا أن يكون كلمة موجّهة من الله إلينا. يساعد تدوين اللقاءات والأحداث البارزة في حياتنا على الانفتاح إلى عمل الله. وقد شهد الكاتب أميدي غيارد (1872 – 1915) في دفتره الشخصي عن ذلك، قائلاً: “لا يكمن الهدف في تحليل ذاتي أو تفكيكها بل التعرّف على نفسي على ضوء عمل الله، أن يكون الله نقطة الارتكاز في حياتي”. وبذلك، لا تبقى “الأنا” منغلقة على ذاتها، بل تسعى إلى تعميق العلاقة مع الله، ومخاطبته من خلال صلوات مكتوبة.

الشكر على النِّعم الممنوحة

إنها مسيرة ينصح بها القديس إغناطيوس دي لويولا، وهي تقتضي بتدوين النعم التي يمنحنا إيّاها الربّ، وربما في الوقت نفسه اكتشافها. تصبح اليوميّات الروحيّة على مثال المزامير التي تنبع من خبرات شخصيّة لتتحوّل إلى “نوع من التسبيح”، وسرعان ما يصبح هذا الدفتر الروحيّ مساحة لشكر الله على عمله في حياتنا، بحسب ما تقول الأخت نتالي بيكارت وهي راهبة من راهبات القديس فرنسيس كزافييه.

النظر إلى أنفسنا بصدق

تُعَدّ اليوميات الروحية وسيلة للنظر إلى الذات بصدق، من خلال أخذ مسافة ووضع الذات تحت نظر الله. تظهر نواقصنا تحت نوره بشكل أفضل، ما قد يقودنا إلى اتخاذ قرار. كما تسمح لنا هذه الملاحظات التي ندوّنها بتحضير اعترافنا المقبل أو إجراء مقابلة مع مرافقنا الروحيّ. إنها تساعدنا على إدراك ضعفنا وعجزنا مما يدفعنا إلى التقرّب من يسوع المسيح وطلب مساعدته.

تجنّب النرجسية

من مخاطر تدوين اليوميات الروحيّة تحويله إلى مجاملة الذات. وقد حذّرت مدام غيون، وهي صوفيّة من القرن السابع عشر من “حبّ الذات الروحيّة” الذي يتخفّى خلف مظاهر التقوى ويدفعنا باستمرار إلى الانشغال بأنفسنا وتحليل ما قمنا به نحن. استنكرت التحليل الزائد والوسوسة والتعقيدات الداخليّة باعتبارها طرق مسدودة.

وأما غيسلين وهي أمّ تبلغ من العمر 39 عامًا فلاحظت أنّ “تدوين الأحداث والكلمات واللقاءات لحفظها في الذاكرة ليس غاية بحدّ ذاته، بل وسيلة للتقرّب من الله”.

Share this Entry

فريق زينيت

ألين كنعان إيليا، مُترجمة ومديرة تحرير القسم العربي في وكالة زينيت. حائزة على شهادة تعليمية في الترجمة وعلى دبلوم دراسات عليا متخصّصة في الترجمة من الجامعة اللّبنانية. حائزة على شهادة الثقافة الدينية العُليا من معهد التثقيف الديني العالي. مُترجمة محلَّفة لدى المحاكم. تتقن اللّغة الإيطاليّة

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير