bible - Pixabay - CC0

Bible

إيمان وغفران

تأمّل في متى ١٢ : ٤٣ – ٤٤

Share this Entry
«إنَّ الرُّوحَ النَّجِس ، إذا خَرَجَ من الإنسان ، هامَ في القِفارِ يَطلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُها ، فيَقول : ” أرجِعُ إلى بيتي الذي مِنه خٓرجْت ” ( متى ١٢ : ٤٣ – ٤٤ ) .
يمثّل هذا الرجل بمفرده كلّ شعوب العهد القديم، وخاصةً الشعب اليهوديّ الذي كان قد تحرّر بالشريعة من الرُّوح النجس. ولكن، بما أنّ قلوب الأمم الّتي كانت جافّة في البدء، ومن ثم أصبحت نديّة بقطرات ندى الرُّوح القدس بعد أن تعرّفت على يسوع وتعاليمهِ وقبلت المعموديّة المقدسة، لم يكن بوسعها أن تؤمّن للشيطان مكانًا للراحة، لأنّها آمنت بالرّب يسوع المسيح، الّذي هو شعلة ناريّة تلتهم الأرواح النجسة وتحرقها ، عاد الشّيطان إلى الشعب اليهوديّ فلم يجدهُ فقال: ” أَرجعُ إِلى بَيتيَ الَّذي مِنهُ خَرَجْتُ ” ( متى ١٢ : ٤٤ ) .
وهذا يعني أنّني سأرجع إلى أبناء إسرائيل الذين لم يكن لديهم أيّ شيءٍ إلهي، إلى هؤلاء الذين يشبهون الصحراء ليقدّموا لي مكانًا أسكن فيه. ” فيأتي فَيَجِدُهُ مَكْنوساً مُزَيَّناً ” ( متى ١٢ : ٤٤ ) .
ولكن، خلف هذه الطّهارة الخارجيّة والظاهرة ، كان الداخل أكثر قذارة وأسوأ من حالته الأولى . لأنّ تلك الطّهارة لم يكن بوسعها أن تطهّر نفسها من القذارات ولا أن تطفئ نيران الشغف في مياه الينبوع المقدّس . كذلك كان الروح النجس متحمّسًا للعودة إلى ذلك البيت، برفقة سبعة أرواح أخبث منه: “فيَذْهَبُ ويَستَصحِبُ سَبعَةَ أَرواحٍ أَخبَثَ مِنه، فيَدخُلونَ ويُقيمونَ فيه “
( متى ١٢ : ٤٥ ) .
إنّه لعقاب عادل على هذه الجريمة التي ارتكبها ذلك الشعب الدّنس عبر انتهاكه أسبوع الشريعة، وسرّ اليوم الثامن .
فكما تنتشر النعمة بوفرة بيننا من خلال مواهب الرُّوح القدس السبع، وهي : “روح‏ ‏الحكمة‏ ‏والفهم ، ‏روح‏ ‏المشورة‏ ‏والقوة، ‏روح‏ ‏العلم‏ ‏وتقوى‏ الرب ‏‏ ‏ومخافته‏ “‏ (‏اشعيا ١١: ١).
هكذا فإنّ كلّ خبث يصدر من الشيطان يفتك أيضًا بذلك الشعب من خلال أرواحه السبع النجسة، لأنّ الرقم سبعة، في الكتاب المقدّس، يعبّر عادةً عن الشموليّة والكمال .
إنّ هذا المثل لا يطبٌق على اليهود فقط، بل علينا أيضًا. لإننا بعد الحصول على نور الإيمان وعلى غفران خطايانا الأولى، إن وقعنا مجدّدًا في الخطيئة، فإنّ العقاب سيكون أقسى بكثير، لذا، قال الرّب يسوع المسيح للمقعد: “ها إنّكَ قد تعافيتَ، فلا تَعُدْ إلى الخطيئة ، لئلاّ تُصابَ بأسوأ ” ( متى ١٢ : ٤٥ ) .
+ المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك
Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير