“لا يكفي أن نهربَ من الفرص الخارجيّة الّتي تقودُ إلى الخطيئة، بل علينا أن نُقاوِمَ ما يُسبّبُها في داخلِنا، ولا نقف إلّا بعدَ أن نكونَ قد استأصلنا الشّرَّ من جذورِه مهما كان صغيرًا…”
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
التّجاربُ كثيرة… نحيا في عالم ازدحام… ضوضاءُ مغرياتِه كبيرة…
نحيا في عالمٍ يضجّ بالتّباهي، والتّكبّر… بالأنا… تلك الأنا الّتي تريد أن تتعالى فوقَ كلّ شيء لتَظهرَ بِسُمّوِها في المراتبِ الّتي تصبو إلى الوصول إليها…
ولكن لا تحمي ذاتي إلّا ذاتي…
القرارُ داخل كلٍّ منّا… نختارُ السّيرَ في تيّاراتِ الفرصِ الخارجيّة الّتي تقودُ إلى الخطيئة، أم نصارع التيّارَ ولا ندعه يجرفنا نحوَ ما يقودُنا نحو الألم ؟؟؟
الكبرياءُ آفةُ النّفوس… الرّبُّ أرشدَنا إلى الطّّريق… أرانا مجدَه في سُموِّ تَواضُعِه… وطلبَ منّا أن نتبَعه… ولكنَّ كبرياءَنا تُغرقنا في الضّلال، وتجعلنا تائهين عن طريقِ الخير، والمحبّة…
” التّواضع يخلّصُ الإنسان، أمّا الكبرياءُ فتُفقِدُه الطّريق…” “البابا فرنسيس”
إلهُنا متواضعٌ، ووديعُ القلب… إن سعينا نحوَ تحقيقِ إنسانيّتِنا الضّعيفة بخطيئتها، والمتعالية بتكبّرِها، لَجرَحْنا قلبَ الرّبّ، قلب الحبّ، قلب الفداء…
مريم تواضعَت فارتفعت… لم تعظّم نفسَها، بل عظّمتِ الرّبَّ لأنّه صنعَ بها العظائم…
ينبّهُ أبونا يعقوب من خطر الكبرياء فيقول:” لِنَنْتبِهْ إلى هذا الخطر، ولنعرفْ ما فينا من أميال رديئة، ونرفضْها، وننتزعْها من قلوبنا. وأوّل هذه الأميال، وأخطرها الكبرياء الّتي هي مصدر معظم الرّذائل. الكبرياء هي إهانة لله…”
نعم … الرّبّ يُعطينا بِمَجّانيّة… إن عِشنا الفخر، والتّباهي بأنفسنا فنحن نُهينُه… وننكر حبَّه، وفداءَه من أجل خلاصِنا… كلُّ ما فينا عطيّةٌ من الرّبّ…الرّبُّ يَمْنَحُنا كرمَ نِعَمِه، نحن نتمتّعُ بمواهبِ عِنايَتِه بِنا…
لِنَعُدْ إلى ذواتِنا، لِندخلْ إلى عمقِ أعماقِنا، لِنقتلعْ من قلوبِنا صوتَ غرورِنا، عندها نستطيعُ الإصغاءَ إلى صوتِ السّلام، والفرحِ فينا… إلى صوتِ الرّب الّذي يُنادينا دومًا… فهو صاحبُ الصّوتِ العذب، والوديع…
” السّلامُ يُبنى في القلب، وابتداء من القلب، باقتلاعِ الكبرياء” “البابا لاوون الرّابع عشر”
لنسعَ كي نكونَ أداةَ سلام…
نريدُ سلامَ العالم… ليبدأْ كلٌّ منّا في تحقيقِ السّلام في قلبِه…
عندها نبني عالمَ الوداعة، والحبّ، والرّجاء…