لعل إحدى “صعوبات” رسالة تقوم بها عن بعيد مثل رسالة زينيت، هي أنك لا تتواصل باستمرار مع مشاعر وعواطف القراء في مختلف أنحاء العالم. ولكن عندما تنعم عليك النعمة الإلهية وسخاء وعرفان القراء برسالة تحمل في طياتها الكثير من هذه المشاعر تشعر بأهمية الخدمة التي تقوم بها… لذا، وبإذن الكاتبة، نود أن نشارككم هذه الهدية التي أثرت بنا.
*
أنا راهبة كرملية محصنة، من كرمل حلب (كرمل العذراء سيدة سوريا). أتابع زينيت القسم العربي منذ حوالي اثنتي عشرة سنة (وكنت حينها مبتدئة) ورافقتني –وما زالت-في مسيرتي الرهبانية طوال هذه السنوات.
أهمية زينيت,بالنسبة لي, تكمن في أنها تضعنا (أنا وأخواتي الراهبات) في قلب الكنيسة من خلال تزويدنا بتعليم قداسة البابا وما يجري في هذا الجسد السري حول العالم، مما يعطينا دفعاً للصلاة وعيش متطلبات دعوتنا الكرملية بوعي أكبر واندفاع أكمل لبذل ذواتنا من اجل الكنيسة، فنحن بنات القديسة تريزا ليسوع اللآفيلية التي توفيت وهي تردد “انني بنت الكنيسة..بنت الكنيسة”.
في رسومنا يرد الجواب على أهمية زينيت في حياتنا الكرملية بشكل واضح. نقرأ في البند ١٣٠: “فلْتُنَمِّ الرئيسة في الجماعة وعياً شديداً لواجب الإحساس مع الكنيسة والشركة في نيات الحبر الأعظم والأساقفة. ولذلك يجب إطلاع المتوحدات، بطريقة مناسبة، على تعليم البابا والكرسي الرسولي، وتوجيهات الأساقفة، وكل ما يتعلق بحياة الكنيسة وقضايا المجتمع الكبرى، خاصة قضايا العدل والسلام.
وبهذه الطريقة، إذ تعانق الراهبات السماء والأرض في المسيح، ويتضامنّ مع رسالة الكنيسة العامة، يقدِّمن للآب في صلاتهن أفراح البشر في هذا الزمان، وآمالهم وأحزانهم وغمومهم، وخاصة الفقراء منهم والمتألمين.”
.من جهة أخرى ، وفي غمرة التخبط الذي تحيا فيه منطقتنا وبلادنا بشكل خاص فإن زينيت بقيت النافذة الوحيدة لنا على العالم في ظل عزلة وحصار وتعتيم يضغط علينا من كل جانب إضافة إلى ظروف معيشية وأمنية كارثية ترهقنا. بقيت اذاً زينيت الصوت الصارخ والصادق الذي يعبر عن آلامنا ويذكّر العالم بما يجري في بلادنا بمنتهى الموضوعية .منذ فترة طويلة توقفت عن متابعة الأخبار لأنها تفقد النفس سلامها ولا تتناول في محتواها سوى ما هو منافٍ للحقيقة ومحّرض على التفرقة و العنف ؛ زينيت على العكس لا تتناول إلا كل ما هو إيجابي وما يدعم الحياة والأخوة والسلام –وإن تحدٍّثتْ عن الحرب- هذا يساعدني في التفاعل مع واقع الحرب بطريقة إيجابية. (في هذه الحرب لسنا بحاجة إلى مساعدات مادية بقدر ما نحتاج الى إيمان راسخ ورؤية بناءة لمواجهة قوى الموت التي تستهدف روح ونفس وكرامة الإنسان بقدر ما تستهدف جسده وممتلكاته).
زينيت بموضوعاتها المتنوعة، اللاهوتية والروحية والإنسانية تعطينا “زوادة” الطريق خاصة بالتأملات في كلمة الحياة,وتقدم أجوبة على تساؤلات وقتنا الراهن, لا سيما تساؤلات الشبيبة الذين يترددون إلى ديرنا بحكم موقعه القريب من المدينة الجامعية. الكثير منهم غادرونا الآن بسبب الحرب إلى دول الاغتراب, ولكنهم ما زالوا يتواصلون معنا ليبثونا معاناتهم. لهؤلاء يكفي أن أرسل هذه المقالة أو تلك حتى يصلني الجواب: “شكرا هذا ما أبحث عنه”. .زينيت أخيراً تعطي صورة صافية عن الكنيسة وعن الحبر الأعظم بشكل خاص في الوقت الذي تتعرض فيه هذه الصورة للتشويش والتشويه.
كلمة أخيرة لكتّاب زينيت الأحباء : شكراً لكم للعمل الصحفي الجاد الذي تمارسونه و”لعيشكم” أخلاقيات المهنة بمستوى رفيع, هذه الأخلاقيات التي تشهد تراجعاً ملحوظاً في أيامنا. ما تقومون به هو مهمة رسولية بامتياز. نصلّي أن تعطي رسالتكم ثماراً وفيرة. أنتم في قلوبنا وفي صلاتنا.
الأخت ميري للرحمة الإلهية
رسالة من راهبة كرملية في حلب
لعل إحدى “صعوبات” رسالة تقوم بها عن بعيد مثل رسالة زينيت، هي أنك لا تتواصل باستمرار مع مشاعر وعواطف القراء في مختلف أنحاء العالم. ولكن عندما تنعم عليك النعمة الإلهية وسخاء وعرفان القراء برسالة تحمل في طياتها الكثير من هذه المشاعر تشعر […]