أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، في الرحلة داخل الكلمات العشر نصل اليوم إلى الوصيّة حول الأب والأم، وهي تتحدّث عن الإكرام الواجب للوالدَين. للكلمة الرابعة ميزتها: إنّها الوصيّة التي تحتوي على نتيجة؛ إذ تقول في الواقع: “أكرم أباك وأمّك، كما أمرك الرّبّ إلهك، لكي تطول أيامك وتُصيب خيرًا في الأرض التي يعطيك الربُّ إلهُك إيّاها”. إن إكرام الوالدَين يحمل إلى حياة طويلة وسعيدة. وكلمة سعادة في الوصايا العشر تظهر فقط مرتبطة بالعلاقة مع الوالدين. لكنَّ الكلمة الرّابعة تقول أيضًا أكثر. لا تتحدّث عن صلاح الوالدين ولا تتطلّب أن يكون الآباء والأمهات كاملين. تتحدّث عن تصرّف الأبناء، بغضِّ النظر عن استحقاق الوالدين وتقول أمرًا رائعًا ومُحرِّرًا: حتى وإن لم يكن جميع الوالدين صالحين ولم تكن جميع الطفولات هادئة، يمكن لجميع الأبناء أن يكونوا سعداء، لأنَّ بلوغ حياة كاملة وسعيدة يتعلّق بالإمتنان الصّحيح تجاه من أتى بنا إلى هذا العالم. إنَّ الإنسان، مهما كان تاريخه، ينال من هذه الوصيّة التوجيه الذي يقود إلى المسيح: فبه، في الواقع، يظهر الآب الحقيقيّ الذي يقدّم لنا “الولادة من علُ”. إنَّ أسرار حياتنا تستنير عندما نكتشف أنَّ الله قد يعدُّنا منذ الأزل لحياة أبناء له، يكون فيها كلُّ تصرُّف رسالة نلناها منه. لكنَّ هذه الحياة الرّائعة تُقدّم لنا ولا تُفرض علينا: إنَّ الولادة الجديدة في المسيح هي نعمة نقبلها بحريّة وهي كنز عمادنا الذي به وبفضل عمل الرّوح القدس، نصبح أبناء لأب واحد، ذاك الذي في السماوات.
أُرحّبُ بالحجّاجِ الناطقينَ باللّغةِ العربيّة، وخاصةً بالقادمينَ من الشرق الأوسط. أيّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، الأبناء هم عطيّة على الوالدين أن يحرسوها ويحافظوا عليها ويحموها، ولكن على الأبناء بدورهم أن يكرِّموا والديهم ويعتنوا بهم ويحترموهم. إذ لا شيء أجمل من عائلة تجتمع حول المحبّة. ليبارككم الرب!
© Copyright – Libreria Editrice Vaticana