النّعمة هبة من الله…
الحبّ المقدّس هو هبة من الله…
أنظر الله في كلّ شيء، واعتبره، وأحببه، واشتعل به…
أبونا يعقوب الكبّوشيّ
إنّه سخاء السّماء.. إنّه حبّ الرّبّ اللامحدود، واللامتناهي…
إنّها العناية الإلهيّة الّتي تفيض علينا خيرًا، ونعمًا…
يعتبر الكبّوشيّ أنّ الرّبّ يرسل إلينا النّعمة من دون أن نطلبها، كالمطر المرسل إلى الأرض.
فحالة النّعمة تشبه الماء: الماء ينقّي، وينظّف. الماء يثمر. الماء يروي، ويرطّب، ويبرّد.
إنّه ماء حياة… ماء يتفجّر، ليحيي… نعمة حياة أفاضتها العناية الإلهيّة في نفس” أبونا يعقوب” فملأ مجاوريه سيل محبّة، وفرحٍ، ورأفة …
وهكذا نذر العمر … نذره سائرًا، وفرح الصّليب ينبض في قلبه أجمل التّرانيم، ويزيّن محيّاه بإشراقة أنوارٍ تعكس نعم الرّبّ …
اشتعل حبًّا بالرّبّ، وعاش فرح الكلمة، فاتّشح بجمال النّعم الإلهيّة.
“افرحوا دائمًا، احمدوا الله على كلّ حالٍ، فهذه مشيئة الله لكم في المسيح يسوع” تسالونيكي1( 5/ 18)
عاش النّقاء، والطّهر، والقداسة ، وارتوى بماء المسيح الحيّ ، بماء يروي، ويرطّب ، بماء الشّفاء، والخلاص…
لطالما اعتقد أنّ العالم سيتغيّر ، عندما يتغيّر قلب البشر… ليصبح قلب الإنسانيّة، تلك السّاحة التّي تضخّ فيها الرّحمة، والمحبّة، أجملَ ينابيع الخير، والبركة…
عانق “أبونا يعقوب”جمال وجه المسيح، وأمسك بصليب سبحته ، وعدا بين أزقّة المصاعب، ليحوّل الآلام إلى واحات حبّ، وفرح …عرف كيف يرمق المخلّص بنظرات الإيمان، ليستمدّ منه جمال نعمه، ويفيض على القريب إيمانًا، ورجاء…
هكذا غدا أبونا يعقوب من بُناة الإنسانيّة الجديدة…
ونحن اليوم … نثبت دومًا في حيّزٍ واحد، لأنّنا لا نعرف العبور …لأنّنا لا نعي أهميّة النّعم الّتي يمدّنا بها الرّبّ… الفرح بين أيدينا، ولكننّا نخسره كمن يخسر قطرات الماء من قبضة يديه، ولا يستطيع التّمسّك بانتعاشها…الفرح هديّة من السّماء، ولكنّنا لا نحسن التّمتّع بها، لأنّنا نختنق بين جدران يومياتنا المظلمة، ونترنّح خائفين، تزعزعنا مشاكلنا، وصعوباتنا …. وننسى أنّ الرّبّ يشرق علينا بفيض أنواره، ويغمرنا برعايته، ويحمينا، لأنّه يحبّنا… لأنّ ما يهمّ الأب حقًّا هو فرح أبنائه…
ليتنا نتمثّل بذاك الرّاهب الكبّوشيّ، ونرى جمال ما يهبنا إيّاه الرّبّ من خير، ونعمٍ، لنفيض جمالًا، وفرحًا أينما نكون….