“كيف نحيا بالرّوح القدس؟
بإصغائنا إلى صوته الّذي يُثير فينا الأفكار الصّالحة، والإلهامات المقدّسة، كما فعل بالقدّيسين العظام.”
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
الرّوح القدس عَصْفٌ إلهيّ، يدخل أعماقنا ليمحو منها، كلّ خوف وتردّد، ليبدّد رعب الهموم الّتي تزأر في داخلنا، زئير الأسود المفترسة…
روح المسيح قداستنا… روحه يمدّنا بالنّعم، والقوّة، والحكمة ، ليزرع فينا حقول رحمته، ويجني منّا ثمار القداسة ..
علينا أن نصغي إليه، ونصرخ ملتجئين إلى ذاك الحض الأبويّ الّذي ما تردّد لحظة، عن ضمّنا إلى فرح رحمته…
علينا أن نصرخ صراخ داوود ” لا تطرحني من أمام وجهك، وروحك القدّوس لاتنزعه منّي”(مز51/12)
علينا أن نصرخ صرخة تريزيا الصّغيرة “يا روح المسيح قدّسيني”
علينا أن نصرخ ملتجئين إلى الرّوح القدس، صراخ فرنسيس الأسيزي في أثناء مرضه، حيث كشف له الرّوح، عن الحياة الّتي يجب أن يتّبعها….
نعم …إنّ الرّوح القدس حكمة حياتنا، ونور هدايتنا إلى طريق الفرح، والحبّ، والخلاص…
نحيا بالرّوح القدس عندما نصغي إلى ترانيمه المنشدة في أفكارنا، والنّابضة قي قلوبنا أجمل الألحان، وأجمل التّرانيم… عندما نستنير بنور هدايته، ونعيش فرح المشيئة الإلهيّة في حياتنا..
يعتبر أبونا يعقوب أنّ الرّوح القدس هبة تعطينا القوّة، الّتي تجعلنا نفوز بالمصاعب، ونحتمل كلّ شيء بصبر، كما يجعلنا ثابتين في الفضيلة، والسّهر على نفوسنا…
يعتبره هبة ، تفيدنا أنّ الله وحده هو خيرنا الأكيد، وأنّ خيرات الأرض عابرة. ..”توكّلوا بالرّبّ إلى الأبد، لأنّ الرّبّ صخرة البقاء.(أشعيا 4/26)
يحثّنا الكبّوشيّ، من خلال الإصغاء إلى إلهامات الرّوح القدس، إلى التّمسّك بما هو ثمين، بما هو سماويّ وروحيّ، يدعونا إلى احتقار كلّ ما هو أرضيّ وفانٍ، فبرأيه من ابتعد عن الرّوح القدس عظّم الأرضيّات، ومن دنا منه احتقرها واعتبر الله خيره الأعظم…
الرّوح القدس نور عقلنا، ونبض حياتنا…
يا روح المسيح أنر بصائرنا، املأنا قوّة، وحكمة، وفرحًا…دعنا نشخص أنظارنا إلى فرح جمالك…
يا روح القدس مدّنا بالحكمة، والفهم، والقوّة، ولاتدع ضجيج ما حولنا يبعدنا عن راحة الإصغاء إليك…
ساعدنا يا ربّ كي نملأ روحنا، من روحك الطّاهر، لنستطيع الخروج من ذواتنا، من أنين مخاوفنا ، من صدى همومنا، وصراخ نزف يوميّاتنا… لنخرج إلى قداسةٍ نلتمسها في دعائك الدّائم إلى فرح حقيقيّ، يُعدّه لنا روحك القدّوس….