القبيات، الأربعاء 6 يناير 2010(Zenit.org) . – إبن الله، الكلمة المتجسّدة ، عاش بيننا لابساً جسمنا، لكنّه لم يكن في ما هو لنفسه أو يتطلّبه العالم أن يكون، بل كان في ما هو للّه في كلّ شيء. وكان ينمو في القامة كما في الحكمة والنعمة إلى يوم اعتماده على يد يوحنا، وكان قد بلغ الثلاثين من عمره.
“ولما اعتمد الشعب كلّه اعتمد يسوع وكان يصلّي… أنت هو ابني“
هو الإله، أتى إلينا صائراً مثلنا، متضامناً مع ضعفنا وآدميّتنا الخاطئة، كي ينزع مناّ خطر الموت الأبدي ويعيد لحياتنا عافيتها، كما المِشرطِ بِيَد الجرّاح، يتعامل مع القسم المريض من الجسد كي يستأصل هذا الأخير لينقذ صاحبه من الأسوأ.
لقد طَبَعَنا بحياته على الأرض، لا بكثرة المواعظ أو خطابات المنابر، ولا بفريّسيّه العطاء أو الشفاءات كما أنه لم يؤلّف المجلّدات والقواميس كي تشرح ماهيّته.
كان، كإنسان، شديد التميّز، وكإله، كان في الثالوث حاضراً، فتجلّى الآب بصوته معلنًا هويّة الإبن، والروح القدس بحلوله عليه، فمسحه كي يباشر الرسالة علانيّةً.
ونحن هل يمكننا أن نكون أبناءاً لِلله في العالم؟ هل يمكننا أن نتميّز بحياتنا ومسيحيتنا دون أن نَنْزوي أو نتنسّك؟ هل نؤمن بأنّ تميّزنا هو الإمتلاء من نعمة الله كي نفيض على الآخرين مماّ وضعه داخلنا؟ هل تنبّهنا إلى أن تميّزنا يتعلّق بما امتلأنا به، إن كان صالحاً تألّق وجه الخالق في أعمالنا وبان حضوره ، وإن كان سيّئاً، جَلَبنا الشتيمة والعار لأنفسنا وأحياناً لمن ربّانا أي الأب والأمْ.
في أياّمنا هذه، ماذا نريد أن نسمع؟ أي صوت؟ صوت الله يكلّمنا أم صوت العالم في عبارة: “هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت”؟ هذا يتوقّف على إقرارنا ببنوّتنا: أبناء من نحن،؟ الله أم العالم.
هل نعمل ما يُرضي الله في فِعلِنا وردود فِعلِنا؟ هل نُحسِن الصلاة من القلب أم نردّد كلماتٍ دون روح ولا طعم؟
ربّما مازلنا نخجل أن نُعلن بنّوتنا للّلهِ ونفتخر بكلّ ما صنعه لنا من عظائم.
اليوم نحن “المتحضّرين، أبناء عصر الإنترنت”، ألا نسارع إلى تلبية أية دعوة لدخول أيّ صفحة، أكانت تجاريّة أو لاأخلاقيّة؟ بإختصار، ما يسيء للإنسان وروحه، أو إلغاء أي إيميل يدعوني إلى التأمّل في الله وعلاقتي به؟ تُرانا نتهافت إلى تلقّف كلّ ما ينهمر علينا من “هدايا” بالكلمة والصورة ونهمل أجملها: الصلاة، تلك الهدية المجاّنية.
إن هناك ما يُدمي القلب اليوم،حين ترى الناّس يتهافتون لسماع البذيء من النكات والعبارات، فيضحكون ويقهقهون ويتناقلونها بين بعضهم دون أن يدركوا أنها ستأخذ بهم كالنار في الهشيم.
وهناك ما يُبكي حين نرى البعض ينتظر عبارةَ “أنت ابني الذي عنه رضيت” من العالم الذي يغذّيه بالأنانية، والتمرّد والفوقيّة… ويُنادي مِن على السطوح بشريعة العين بالعين وأكثر، لكنّه يخجل أن يذكر اسم الله أمام الآخرين، لأن الخوف من حكم العالم عليه ينهش قلبه ويتملّك عقله… ما زال يخاف…، ما زال عبداً…، لم يتحرّر بعد…! لم يصبح بعدُ “الإبن الحبيب الذي عنه يرضى الآب”.
وأنت ، إبن من تريد أن تكون؟