يحذّر الطّوباويّ من التّعلّق بما لا يقودنا إلى سلام القلب، وفرحه…
يحذّرنا من الضّياع بين أسطر لا تجدي نفعًا، إنّما توقع في الهلاك، والخطيئة…
لأنّ الإنسان يهمّه…لأنّه يودّ تحقيق إرادة المشيئة الإلهيّة الّتي لا تبغي إلّا خلاص النّفوس، حمل قلمه، وكتب منبّهًا المؤمنين، ومرشدًا إلى كلمة الرّبّ…
يحاكي حاضر “أبونا يعقوب” حاضرنا اليوم، وكأنّنا نشعر بحضوره معنا، وبكلامه عن واقعنا الّذي بِتْنا فيه سجناء كلمات، وصفحات تخنق حرّيتنا… بِتْنا نهدر الوقت في التّأمّل في صورٍ، وقراءة عبارات بعيدة عن ما يرقى بنفوسنا إلى الأسمى… بِتنا تائهين في عالم من التّواصل الاجتماعي، يُتعب أكثر مما يريح، ويُضلّل نفوسنا أكثر ممّا يرشدها…
أصابعنا اسودّت، وأفكارنا تعبت من حبر يخربش، على شاشاتٍ نتبع مستجدّاتها، خطوطًا، تُشتّت أفكارنا، وتُرهق نوايانا.
” بين أيدينا الكتب، والحقائق في أعيننا.” ( القدّيس أغوسطينوس)
شعر الكبّوشيّ، بأهميّة الصّحافة، والمطبوعات، وأدرك خطرها إذا ساءت، وفائدتها إذا تحوّلت إلى الخير. لم يكتفِ بالإرشاد، بل قرّر السّعي إلى العمل الإيجابيّ.
وهكذا بدأ بنشر الكتابة الجيّدة، وأصدر مجلّة دينيّة، واجتماعيّة، تكون امتدادًا لرسالته كواعظ. اختار عنوانها ” صديق العائلة” لأنّه كان يثق أنّ العائلة هي أساس البشريّة. فإن كانت صالحة، وراقية، ذات آداب صحيحة، بنت شعبًا صالحًا، وراقيًا، وإن كانت فاسدة، فسد الشّعب، وعمّ الويل، والخراب. تجاوب مع فكرة المجلّة، العديد من الأصدقاء، والكهنة، وأساتذة مدارسه .
تناولت المجلّة مواضيع متنوّعة، من أبحاث تربويّة، وأخلاقيّة، وصحيّة، كما حملت دراسات عن حقائق الإيمان.
“الكلمة فعّالة إذا رأيتُها، وأشركتُ الآخر في خبرةٍ ما، أو في حوار” ( البابا فرنسيس)
ليتنا نتمثّل بالطّوباويّ، فنحمل أقلامنا، ونخطّ بها الإيمان شعلة رجاء، من قلوبنا إلى قلب الآخر…
ليتنا عند النّهوض من النّوم نسرع إلى حمل سبحتنا، وقراءة الكتاب المقدس بدل التّسمّر أمام شاشةٍ، واللّهو بما يجعلنا نضيع…. ليتنا نحوّل شبكات التّواصل الاجتماعيّ إلى تواصل بنّاء، ننشر من خلاله كلمة الرّبّ، وفرحه…