نحن الموقعين أدناه بطاركة ورؤوساء الطوائف المسيحية في لبنان، نشكر الرب الذي جمعنا في هذا العامأيضاًلإحياء الصلاة من أجل وحدة كنيسة الرب المقدّسة الواحدة الرسولية الجامعةوذلك في كنيسة مار أفرام للسريان الأرثوذكس، ففيما نصلي مجتمعين، نرفع النداء إلى كل إخوتنا المسيحيين في العالم إكليروساً وعلمانيين والذين يحتفلون بأسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنيسة لكيما يشاركونا الصلاة أيضاً من أجل شرقنا العزيز المتألم وخاصة في العراق وسوريا ولبنان ومصر والذين يواجهون أقسى وأشد الموجات الإرهابية والتكفيرية،حيث يُقتل ويتعذب ويتألم شعبنا المسيحي ويُطرد ويُهجّر قسرياً ويُقتلع من جذوره ومن موطن آبائه وأجداده ويتعرض لإبادات جماعيةوتطهير عرقيوتُنتهك مقدساته وكنائسه وأديار وتُخطف رموزه الدينية من رهبان وراهبات وكهنة وأساقفة ولا سيما رمزا الحركة المسكونية وحوارات الأديان مطرانا حلب المخطوفان يوحنا إبراهيم وبولس يازجي.
لذا نرجو صلواتكم وتفعيل دوركم في كل أماكن تواجدكم في العالم لتخفيف هذا الواقع المأساوي المؤلم وإنهائه وللمحافظة على الوجود المسيحي في الشرق وتحرير كافة الأسرى والمخطوفين.
ترأس راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش قداساً احتفالياً في كنيسة دير مار انطونيوس الكبير في زحلة بمناسبة عيد القديس انطونيوس، عاونه فيه النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والأب طوني الفحل بحضور جمهور كبير من المؤمنين.
وُلد هذا القدّيس العظيم في مدينة كوما في صعيد مصر نحو السنة 251. وقد كتب سيرته القدّيس اتناسيوي بطريرك الاسكندريّة معاصره، قال: “وُلد أنطونيوس في مصر من أبوين مسيحيَّين تقيَّين”.
توفي والداه تاركَين له أختًا دونه سِنًّا، فكان لها الأخ الشفيق المحبّ. سمع يومًا كلام الإنجيل المقدس: “إن كنت تريد أن تكون كاملاً فاذهب وبِع كلّ شيء لك واعطه للمساكين فيكون لك كنز في السماء وتعال واتبعني” (متّى 19: 21). فكان لهذه الآية وقعُها العميق في قلبه، فمضى فباع ما يملك، تاركًا لشقيقته نصيبها، ووزَّع ما خصَّه على الكنائس والفقراء. واعتزل الدنيا. وأخذ يزور النسّاك، صارفًا أكثر أوقاته بالصلاة والتأمُّل ومطالعة الأسفار المقدّسة.
فحسده الشيطان وأخذ يجرّبه. أمّا أنطونيوس فكان ينتصر على هذه التجارب بالصوم والصلاة والتأمّل. ولم يكن يقتات بسوى الخبز والملح وقليل من الماء.
وبالرغم من انتصاراته على التجارب، لم يكن الشيطان لينفكّ عن منازلته.
وانفرد في الصحراء ودخل قبرًا قديمًا أقام فيه أشهرًا. وما زال الشيطان يهاجمه بصور حيوانيّة مرعبة، لكنّه كان يقاومها بمعونة الله. وفي هذا العراك الهائل أشرق في هذا الكهف نورٌ سماويّ وظهر الربّ يسوع. فصرخ أنطونيوس: “أين كنت يا سيّدي؟” فأجابه الربّ: “كنت هنا، يا أنطونيوس، أشاهد جهادك”.
ثم توغّل في صميم الصحراء، واستأنف حياة التأمّل ومناجاة الخالق مدّة عشرين سنة، إلى أن عرف الناس بمقرّه فأخذوا يأتونه من كل صوب. وطلب الكثيرون منهم أن يَقبَلهم في عداد تلاميذه، فأجاب طلبهم ونزل معهم إلى ضفاف النيل، حيث أنشأ لهم ديورة عديدة.
وكثُر عدد الرهبان جدًّا وانتشر عبير الفضائل المسيحيّة في تلك البراري. وكان أنطونيوس يزور الأديار ويثبّت الرهبان في دعوتهم. ومن أقواله المأثورة: “يا بني لا تهمل ذكر الأبديّة؛ قل لنفسك في كل صباح أنّك ربما لا تعيش إلى المساء، وعند المساء أنّك ربما لا ترى نور النهار. قاوم التجربة بشجاعة، إنّ الشيطان ضعيف أمام الصوم والصلاة وإشارة الصليب”.
وفي السنة 311 ثار الاضطهاد بشدّة على المسيحيّين، فهبَّت نار الغيرة في قلب أنطونيوس فسار إلى الإسكندريّة يشدّد عزائم الشهداء ويرافق المسيحيّين إلى المحاكم ويشجّعهم على الثبات في الإيمان، ولمّا خمدت نار الاضطهاد، عاد إلى صومعته يتابع حياته النسكيّة.
ومنّ الله عليه بموهبة شفاء الأمراض وطرد الشياطين، فتقاطر الناس إليه أفواجًا فخاف من روح الكبرياء، فهرب إلى بريّة تيبايس العليا. وبعد أن عثر رهبانه عليه زار أدياره وحثّ الرؤساء والرهبان على مواصلة السير في طريق الكمال، وعاد إلى خلوته.
ثمّ زار القديس بولا أوّل النسّاك.
وفي السنة 325 ازدادت هرطقة الأريوسيّين تفشيًا في الإسكندريّة، فدعاه القديس اتناسيوس إليها فلبّى أنطونيوس الدعوة، رغم كبر سنه، فخرجت المدينة لاستقباله. فأخذ يحذّرهم من الهرطقة الأريوسيّة، ويبيّن لهم أنّ المسيح إله حق وإنسان حق. ثم عاد إلى جبله.
وكانت له المنزلة الكبرى لدى العظماء والملوك، لا سيّما الملك قسطنطين الكبير الذي كتب إليه يطلب صلاته وشفاعته.
وفي المرحلة الأخيرة من حياته، زار أديرة رهبانه محرِّضًا الجميع على الثبات في طريق الكمال. ورقد بسلام في 17 ك2 356 وله من العمر مئة وخمس سنين.
من تركته الروحيّة سبع رسائل شهيرة كان قد وجّهها إلى بعض أديرة المشرق. وقد نقلت من القبطيّة إلى اليونانيّة واللاتينيّة وطبعت مندمجة بين تآليف الآباء.
وحسبنا أن نذكر المناسك والنسّاك الكثر الذين اقتدوا به متّخذين طريقته في لبنان. وما وادي قاديشا، ودير مار أنطونيوس قزحيّا التاريخي الشهير بمعجزاته في طرد الشياطين إلاّ دليل على ما لهذا القديس من الشفاعة لدى الله ومن الثقة والكرامة في قلوب اللبنانيّين.
والرهبانيّات المارونيّات الثلاث أبت إلاّ أن تدعى باسمه المبارك منذ نشأتها وأن تتبع طريقته النسكيّة. ولذلك حقّ له أن يدعى “كوكب البريّة” ومجد الحياة الرهبانيّة وشفيع الجماعات والأفراد في كل مكان وزمان.
“ولكننا، باسم المسيح المصلوب ندعو، ونطرد شياطين تخافونها كآلهة”