ترجمة ندى بطرس
في قلب لا بلاتا، على بُعد خطوات مِن كاتدرائيّة المدينة، تمّ تحويل لوحة من 50 متراً من الإسمنت إلى تكريم كبير لأوّل حبر أعظم من أميركا اللاتينيّة.
في التفاصيل التي نقلها القسم الإنكليزي في زينيت، يوم السبت 26 تموز، وتحديداً عند الخامسة والنصف من بعد الظهر، ستتوقّف الحياة المدنيّة في المدينة الأرجنتينيّة فيما يجتمع السكّان المحلّيون والمسؤولون في ساحة مورنتو للكشف عمّا يُشير إليه المنظّمون كأكبر جداريّة في العالم مُكرَّسة للبابا فرنسيس الراحل.
أمّا الحفل المُفعم بالفخر المدني والتكريم الروحي فسيترأسه رئيس أساقفة لا بلاتا، المطران غوستافو كارارا، الذي سيُبارك الصورة، بحضور رئيس البلديّة خوليو ألاك ووفد واسع يمثّل جميع طبقات النسيج الثقافي والمؤسّساتي للمدينة.
من عروض الأوركسترا إلى حضور القادة الدينيّين والطلاب والفنّانين والشخصيّات البارزة المحلية، يتشكّل الحدث ليكون أكثر من مجرّد كشف عن جداريّة: إنّه عمل من أعمال الذاكرة الجماعيّة والامتنان للمدينة.
من ناحيته، مُبدع الجداريّة، مارتن رون، ليس غريباً على الفنّ الحضري الواسع النطاق. اشتهر بتقنيّته المفرطة في الواقعيّة، حيث حوّل جدران المدن حول العالم إلى بوّابات حيّة لسرد القصص. لكن هذه الجداريّة الممتدّة عموديّاً على واجهة مبنى قريب مِن كاتدرائيّة الأبرشيّة، تحمل ثقلاً عاطفيّاً خاصّاً – سواء بالنسبة للفنّان ولأمّة كان خورخي ماريو برغوليو أحد أبنائها.
في قلب هذه الجداريّة، لحظةٌ لم يلتقطها الخيال، بل صوّرها التاريخ: حمامة بيضاء، بجانِحَيها الممدودَين في الجوّ فيما تطير، بينما يمدّ البابا فرنسيس يده نحوها، مبتسماً. هذه البادرة فرنسيسكانيّة بامتياز – بسيطة، مبهجة، ومشبعة برمزيّة روحيّة هادئة. صُوّرت هذه اللحظة لأوّل مرة سنة 2013، في الأيّام الأولى من حبريّته، وأصبحت مذّاك الوقت رمزاً لرسالة البابا القاضية بالسلام والانفتاح.
في حين أنّ الفاتيكان موطنٌ لروائع عريقة، فإنّ هذه الجداريّة الشامخة التي ترتفع من شوارع لا بلاتا، تخدم غَرَضاً مختلفاً: إنّها لا تتحدّث من جدران متحف أو كنيسة، بل من واقع مدينة حديثة – مدينة شكّلها الضمير الاجتماعي والأسلوب الرعوي الذي دافع عنه فرنسيس. بهذا المعنى، تُجسّد الحمامة والبابا معاً نداءً: تخطّي الانقسام، الانطلاق من الأرض، والمضيّ قدماً بالرّجاء.
بالنسبة إلى لا بلاتا، تُعدّ هذه الجداريّة أكثر من مجرّد إنجاز فنّي. إنّها شهادة على المودّة لشخصيّة لم تكفّ، حتّى من قلب روما، عن التحدّث بلهجة بوينس آيرس، ولا عن الدفاع عن كرامة المنسيّين.
