زيارةٌ لا تُنسى ـ قال الأب الأقدس ـ في حفل الوداع الرسمي على مطار ساو باولو بعد إفتتاحه أعمال المؤتمر العام الخامس لأساقفة أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاراييب في معبد أباراسيدا المريمي، حيث ألقى كلمة مسهبة قال فيها إن الإيمان بالله قد أنعش حياة وثقافة بلدان أمريكا اللاتينية خلال القرون الخمسة الماضية. وهذا الإيمان نفسه، عليه أن يواجه اليوم سلسة تحديات، لاسيما وأن المسألة تتعلق بالنمو المتناغم للمجتمع والهوية الكاثوليكية لشعوب هذه القارة.
وتحدّث البابا عن ظاهرة العولمة وشدّد على أهمية أن تكون الأخلاقيةُ هاديةً لها على غرار كل مجالات النشاط البشري، من خلال وضع كل شيء في خدمة الشخص البشري المخلوق على صورة الله ومثاله.وأكد أن الديمقراطية حققت تقدما في أمريكا اللاتينية، مشيرًا في الآن معا إلى وجود دوافع قلق أمام أشكال الحكم السلطوي أو أشكال خاضعةٍ لبعض الإيديولوجيات التي لا تتلاءم مع النظرة المسيحية للإنسان والمجتمع.وأكد البابا على حق شعوب أمريكا اللاتينية في التحرر من تهديدات الجوع وكل شكل من أشكال العنف، مذكرا بكلمات البابا بولس السادس في رسالته العامة “ترقي الشعوب” حين قال: ينبغي أن يكون النمو الحقيقي متكاملا، أي موجها نحو نمو الإنسان، كل إنسان، وجميع البشر، ويدعو الجميع إلى إلغاء اللامساواة الاجتماعية.
وأشار بندكتس السادس عشر إلى أنه وفي الغرب أيضا تزداد الهوة بين الفقراء والأغنياء وتسبب انحطاطا مقلقا للكرامة الشخصية من جراء المخدرات والكحول وأوهام الفرح الخدّاعة.
وتابع البابا يقول إن الكنيسة هي محامية العدالة والفقراء، وباستقلاليتها فقط تستطيع أن تعلّم القيم التي لا مفر منها وترشدَ الضمائر وتقدّمَ خيار حياةٍ أبعد من البيئة السياسية. كما وأكد أيضا أن العائلة “إرثَ البشرية” تشكل أحد أهم كنوز بلدان أمريكا اللاتينية. فهي كانت ولا تزال مدرسة إيمان ومركزا للقيم الإنسانية والمدينة ومسكنا تولد فيه الحياة البشرية ويتم قبولها بسخاء ومسؤولية.
وأشار البابا أيضا إلى إن العائلة تعاني اليوم من أوضاع مؤلمة بسبب العلمنة والنسبية الأخلاقية وتدفق الهجرات والفقر وغياب الإستقرار الاجتماعي والتشريعات المدنية المتعارضة مع الزواج والتي تشجّع الإجهاض وتهدد مستقبل الشعوب.
وختم البابا كلمته يقول إن أعمال المؤتمر العام 5 لأساقفة أمريكا اللاتينية والكاراييب تحملنا على التضرّع مثلما فعل تلميذا عماوس:”أُمكث معنا، فقد حان المساءُ ومالَ النهار”. أُمكث معنا يا رب لأن الظلالَ تتكدس حولنا وأنتَ النور… أُمكث معنا يا رب حين تبان الشكوك والصعوبات حول إيماننا الكاثوليكي: فأنتَ الطريق، أَنِر عقولنا بكلمتك وساعدنا على الشعور بجمال الإيمان بك… أُمكث مع عائلاتنا وأنرها في شكوكها واعضدها في صعوباتها وساندها في آلامها ومتاعب الحياة اليومية حينما تتراكم من حولها الظلال التي تهدّد وحدتها وهويتها الطبيعية… أنتَ الحياة، أُمكث في منازلنا كيما تبقى مسكنا حيث تولد الحياة البشرية بسخاء وتُقبل وتُحب وتُحترم الحياة منذ الحبل بها وحتى موتها الطبيعي… أُمكث يا رب في مجتمعاتنا مع الأكثر ضعفا، مع الفقراء والمتواضعين، مع السكان الأصليين والأفرو أمريكيين الذين لم يجدوا دوما مكانا ومساندة للتعبير عن غنى ثقافتهم وحكمة هويتهم… أُمكث يا رب مع أطفالنا وشبابنا، مستقبل وغنى قارتنا. أيها الراعي الصالح، أُمكث مع مسنينا ومرضانا. أعضد الجميع في الإيمان كيما يكونوا تلاميذك ورسلك!
ـ زيارة بندكتس السادس عشر للبرازيل كانت غنية باللقاءات التي استهلها مع الشباب في استاد باكيمبو بساو باولو حيث وجه إليهم كلمة قال فيها”تستطيعون أن تكونوا روّاد مجتمع جديد إذا ما سعيتم إلى طريقة عيش عملية مستوحاة من القيم الأخلاقية الشاملة، وإلى التزام شخصي وتنشئة إنسانية وروحية ذات أهمية حيوية.” ودعا بندكتس السادس عشر الشباب ليجعلوا من العائلة مركز إشعاع فرحٍ وسلامٍ ويهتموا بالمسنين لأنهم يستحقون الإحترام والتقدير على الخير الذي قدّموه إليهم. وأضاف يقول: ينتظر البابا من الشباب أن يبحثوا عن تقديس عملهم وإنجازه بكفاءة تقنية وعناية ودقة، للإسهام في تقدّم جميع إخوتهم وإنارةِ النشاطات البشرية كلها بنور الإنجيل. وتمنّى الأب الأقدس أن يتمكّن الشباب أيضا من أن يصبحوا روّاد مجتمع أكثر عدلاً وأخوّة، متممين واجابتهم إزاء الدولة من خلال احترام قوانينها وعدم الإستسلام للكراهية والعنف، وأن يسعوا إلى تقديم المثل المسيحي الصالح في البيئة المهنية والاجتماعية متميِّزين بالنزاهة في العلاقات الاجتماعية والمهنية. دعوة أخرى وجهها البابا أيضا لإحترام سر الزواج.
ـ هذا وأعلن البابا أيضا قداسةَ الطوباوي أنطونيو دي سانت أنّا غالفاو، أول قديس في البرازيل، وألقى عظة قال فيها إن الموهبة الفرنسيسكانية المعاشة إنجيليا، أعطت ثمارا بالغة الأهمية عبر شهادة سجوده الحار للإفخارستية وإرشاده الحكيم للنفوس الباحثة عنه وإكرامه الكبير للعذراء مريم، سلطانة الحبل بلا دنس.وتابع الأب الأقدس يقول إن جهوزية الأخ غالفاو في خدمة الشعب لهي مثال فائق الأهمية. كان مرشدا معروفا وصانع سلام في النفوس والعائلات ومحبّا للفقراء والمرضى على وجه خاص، وكان يقصده كثيرون للإعتراف لأنه كان غيورا وحكيما. من الأهمية بمكان أن نعارض بعض وسائل الإتصالات الاجتماعية التي تهزأ بقدسية الزواج والبتولية قبل ا
لزواج… إن العذراء هي المدافع الأفضل ضد الشرور التي تؤلم الحياة المعاصرة. وختم الأب الأقدس عظته خلال ترؤسه احتفال تقديس الطوباوي أنطونيو دي سانت أنّا غالفاو، مذكّرًا بما قاله خلال أمسية الصلاة في كولونيا بألمانيا احتفالا باليوم العالمي العشرين للشباب:” من القديسين وحدهم، ومن الله وحده تنبع الثورة الحقيقية وينبع تغييرُ العالم تغييرا حاسما.