دور التمثيل الدبلوماسي لدى الكرسي الرسولي (2)

روما، 31 مايو 2007 (ZENIT.org) – إن الكنيسة ليست هيئة “دولية” على غرار الهيئات الدولية الأخرى: فكيف لدبلوماسي أن يضطلع بمهمته التي تقضي بـ”تمثيل” بلاده وبـ”إطلاع” دولته والكرسي الرسولي في آنٍ معاً على مجريات الأمور في إطار كهذا؟ بل كيف يتمّ التفاوض حول “إتفاق أساسي”؟ هذه الأسئلة أجاب عنها سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي السيد ناجي أبي عاصي.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ذكّر سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي بأنّ إحدى ميزات الكرسي الرسولي تكمن في “عدم امتلاكه مصالح مادية يدافع عنها، حيث تترفع أعماله عن أي مصلحة خاصة” (راجع زينت 28 مايو).

وقد جاء حديث الدبلوماسي اللبناني في مداخلة له في الخامس عشر من مايو الجاري حول “دور التمثيل الدبلوماسي ووظائفه لدى الكرسي الرسولي” في إطار مادة بعنوان “الكنيسة الكاثوليكية والسياسة الدولية للكرسي الرسولي” ضمن دورة حول “السلك الدبلوماسي: السفارات البابوية والتمثيل الدبلوماسي لدى الكرسي الرسولي” جرت في جامعة غريغوريانا الحبرية في روما.

وقد توجهت هذه الدورة الدراسية إلى دبلوماسيين من العالم العربي لتعريفهم على الكنيسة الكاثوليكية بدعوة من مؤسسة “الغريغوريانا” والمعهد الدولي “جاك ماريتان”. وترأس الجلسة الكاردينال جان-لويس توران.

وأوضح السفير أبي عاصي أن “الكرسي الرسولي لا ينفك يذكّر بطبيعة الكنيسة العميقة والحقيقية: فللكنيسة بنية تقوم على الأسرار المقدسة ، وليس بنية سياسية. فلنصغِ إلى كلمات البابا بندكتس السادس عشر المعبّرة بتاريخ 22 فبراير الفائت حين قال: “من المهم أن يتمكن الناس من فهم أن الكنيسة ليست كياناً فوق وطني أو سلكاً إدارياً أو سُلطوياً. كما أنها ليست وكالة إجتماعية ولو أنها تقوم بعمل إجتماعي يتجاوز إطار الوطن، بل هي كيان روحي. ليست الكنيسة بنية واسعة أو منظمة دولية. بل الكنيسة هي جسم المسيح وبالتالي حقيقة روحية”.”

وأكمل موضحاً أن “إحدى أولى وظائف الممثلين الدبلوماسيين لدى الكرسي الرسولي هي وظيفة تمثيلية. فمجرّد تواجد البعثات الدبلوماسية لدى الكرسي الرسولي باعتباره كياناً قانونياً وروحياً وسلطة معنوية يعبّر عن رغبة الدول في إقامة علاقات ودّ واحترام وتعاون مع كرسي بطرس وتالياً مع الكنيسة”.

“إن هذا التمثيل يفترض طبعاً مشاركة الدبلوماسيين في مختلف أوجه النشاطات العامة للكرسي الرسولي، ولاسيما في الإحتفالات والمناسبات المقدسة، سواء احتفل بها الحبر الأعظم شخصياً أو فوّض أحداً لتمثيله فيها، مع اتباع بروتوكول محدّد ونظام تشريفات وتصدّر وبروتوكول احتفالات واضحين، مع ما يفترض ذلك من ارتداء البذلة الرسمية وغالباً الأوسمة التي تفيد عن مدى رسمية المناسبة”. وهذه الإحتفالات غالباً ما تُبَثّ إلى أقصى المعمور.

أضاف قائلاً: “وبالإضافة إلى المشاركة البروتوكولية البحتة وشرف الإشتراك في هذه المناسبات التاريخية في معظم الأحيان، قد يأمل البعض –وأنا أعتقد أن هذه الحال شائعة ولا شك- في أن يشارك السلك الدبلوماسي برمّته، وكلٌّ على طريقته، في الصلاة المشتركة التي تُرفَع في مقام الروحانية هذا الذي يمثله الكرسي الرسولي من أجل تعزيز السلام والعدالة والمحبة”.

وأردف السفير اللبناني قائلاً: “لعلكم توافقونني الرأي بأن “التمثيل” يعني “أن نعكس صورة الدولة التي أوفدتنا” وأنه في الكرسي الرسولي أكثر من أي مكان آخر يتعيّن على الدبلوماسيين أن يتقيّدوا بقواعد سلوك صارمة سواء على صعيد السلوك في المجتمع أو في الحياة الخاصة تكسبهم الإحترام والثقة والتقدير كما هو واجب”.

“إن إحدى أهم وظائف البعثات الدبلوماسية لدى الكرسي الرسولي هي في المقام الثاني وظيفة “الإطلاع”. ولكن من نطلع؟ وكيف؟ وبأي هدف؟

وقد تطرّق السفير أبي عاصي بشكل خاص إلى مسألة إبرام الإتفاقات الأساسية مع الكرسي الرسولي. فلا يغيب عن بال أحد أنه مع انتشار الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا، اضطرّ الكرسي الرسولي إلى أن يخوض مفاوضات لتوقيع معاهدات حبرية، بحيث يحمي نفسه بـ “درع قانوني”. غير أن ظروف إبرام هذه الإتفاقات لم تعد دائماً مأساوية إلى هذا الحد في أيامنا هذه.

وأوضح سعادته قائلاً: “إن الهدف من إبرام “إتفاق أساسي” أو “معاهدة حبرية” هو تنظيم الوضع القانوني للكنيسة الكاثوليكية ومؤسساتها، مع الحرص على حماية حريتها، وبخاصة في ما يتعلق بالشعائر وادارة الشؤون الرعوية وحق الإجتماع والتجمّع والتعبير والعمل الخيري والنشاط الإجتماعي والتعليم الديني…”

“إن هذه الإتفاقات الثنائية التي هي بمثاية إتفاقات يرعاها القانون الدولي وهي بالتالي ثابتة تضمن للمؤسسات الكنسية عنصراً مهماً من الأمان وعدد الإتفاقات النافذة حالياً يرقى إلى 160 إتفاقية، بحسب السفير أبي عاصي. (يتبع)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير