* * *
أيها الإخوة والأخوات الأحباء،
إن ليتورجية هذا الاحد التاسع عشر من الزمن العادي تحضرنا للاحتفال بعيد انتقال العذراء الى السماء الذي يوافق الخامس عشر من هذا الشهر. فان هذه الليتورجية موجهة كليا نحو المستقبل، نحو السماء، حيث سبقتنا العذراء القديسة الى فرح الفردوس. و بنوع خاص، النص الانجيلي الذي يتابع بشارة الاحد الماضي حيث يدعو المسيحيين للترفع عن الخيور المادية الوهمية والعمل على الاتمام المخلص لواجبهم الخاص مرفقين ذلك بحنين ثابت يشدهم نحو العلاء. حيث يبقى المؤمن متأهبا لملاقاة المسيح الذي سياتي بالمجد. فمن خلال امثلة من الحياة اليومية، يحض السيد تلاميذه، اي نحن، لعيش هذا الالتزام، كما فعل الخدم الذين كانوا بانتظار عودة سيدهم. " طوبى لأولئك الخدم الذين جاء سيدهم فوجدهم ساهرين" (لو 12، 37). لذا يجب علينا ان نسهر، بالصلاة و عمل الخير.
حقا، ان حالتنا على هذه الارض هي حالة عبور، كما تذكرنا القراءة الثانية في ليتورجية اليوم من الرسالة الى العبرانيين. انها تقدم لنا ابراهيم في حالة حج، كمتنقل يعيش في خيمة ويسكن في ارض غريبة. وكان ايمانه خير مرشد له. " بالايمان لبى ابراهيم الدعوة فخرج الى بلد قدر له ان يناله ميراثا، خرج وهو لا يدري الى اين يتوجه" (عب 11، 8). وكان فعلا هدفه الحقيقي " المدينة ذات الاسس والله مهندسها وبانيها" (عب 11، 10). فان المدينة التي يشير اليها ليست من هذا العالم، بل انها اورشليم السماوية، الفردوس، وكان معلوما لدى الجماعة المسيحية الاولى انها كانت تعتبر الارض "كنزل الغرباء" وكانت تسمي التجماعات السكنية في المدينة "رعايا" التي تعني بالتحديد "مستعمرات الغرباء" ( باليونانية بارويكوي). هكذا كان المسيحيون الاوائل يعبرون عن الصفة الاهم للكنيسة، اي بالتحديد انها تبقى مشدودة نحو السماء.
تريد ليتورجية الكلمة اليوم ان تدعونا للتفكير " بالعالم الاتي"، كنا نكرر يوميا من خلال قانون الإيمان الذي يعبّر عن مجاهرتنا بايماننا. انها دعوة لكي نمضي ايامنا بحكمة و تبصر، وكي نلتفت بانتباه نحو مصيرنا، اي الحقائق التي نطلق عليها اسم الاخيرة : الموت، الحكم النهائي، الابدية، العذاب و الجنة. وهكذا نتحسس بمسؤوليتنا نحوعالمنا ونبني عالم افضل.
نطلب من العذراء التي تسهر علينا من السماء، ان تجعلنا الا ننسى باننا بحالة عبور على هذه الارض، وتعلمنا كيما نتحضر لملاقاة يسوع الذي "يجلس عن يمين الاب القادر على كل شي: ومن هناك سوف يأتي ليدين الاحياء و الموتى."