* * *
أيها الإخوة والأخوات الأحباء،
نحتفل اليوم بعيد انتقال الطوباوية مريم العذراء. نحن بصدد عيد قديم العهد، يعود بأصوله إلى الكتاب المقدس الذي يقدم العذراء مريم وهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بابنها الإلهي ومتضامنة دومًا معه.
فالأم وابنها يظهران متحدين بشكل حميم في مواجهة العدو الجهنمي حتى البلوغ إلى الانتصار الكامل ضده.
ويتم التعبير عن هذا النصر بشكل خاص في تخطي الخطيئة والموت، أي العدوين الذين يقدمهما القديس بولس متحدين دومًا (راجع روم 5، 12. 15- 21؛ 1 كور 15، 21- 26).
ولذا، فكما كانت قيامة المسيح المجيدة العلامة النهائية لهذا النصر، فكذلك تمجيد مريم في جسدها البتولي يشكل تثبيتًا نهائيًا لتضامنها الكلي مع ابنها إن في الصراع وإن في النصر.
ولقد ترجم هذا المعنى اللاهوتي العميق خادمُ الله البابا بيوس الثاني عشر عندما أعلن رسميًا، في 1 نوفمبر 1950، عقيدة هذا الامتياز المريمي. فقد قال حينها: “إن أم الله المجيدة، المتحدة بشكل فائق بيسوع المسيح منذ الأزل عبر قرار اختيار إلهي واحد، والتي حبل بها بلا دنس، وهي عذراء بلا وصمة في أمومتها الإلهية، وشريكة سخية مع فاديها الإلهي، والتي شاركت في انتصار كامل على الخطيئة وعلى مفاعيلها، لقد نالت هذه العذراء في نهاية المطاف، كتكليل سامٍ لامتيازاتها، أن تُحفظ من فساد القبر، فانتصرت على الموت، كما سبق وظفر ابنها، وانتقلت بالنفس والجسد إلى مجد السماء، حيث تتألق كملكة على يمين ابنها، ملك الدهور الذي لا يموت” (Cost. Munificentissimus Deus: AAS 42 [1950], 768-769).
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، بانتقالها إلى السماء لم تبتعد مريم عنا، بل إنما تبقى قريبة منا أكثر فأكثر وينعكس ضياؤها على حياتنا وتاريخ البشرية جمعاء.
بانجذابنا إلى ضياء أم الفادي السماوي، فلنتوجه مجددا بثقة إلى التي تنظر إلينا من العلى وتحمينا. فجميعنا نحتاج إلى معونتها وتشجيعها لمواجهة تجارب وتحديات كل يوم: نحتاج إلى أن نشعر بأنها أم وأخت في أوضاع حياتنا. ولكي نستطيع نحن أيضًا أن نتقاسم يومًا ما المصير نفسه على الدوام، فلنتقد بها في اتباع مطياع للمسيح وفي خدمة سخية للإخوة. هذه هي الطريقة الوحيدة لنتذوق على هذه الأرض الفرح والسلام الذي يعيشهما بالملء من وصل إلى حياة الفردوس التي لا يعقبها موت.
ترجمة وكالة زينيت العالمية (ZENIT.org)
حقوق الطبع محفوظة: دار النشر الفاتيكانية – 2007