العلمانيون المتزمتزن (الجزء الثاني)

مقابلة مع مؤلف كتاب “الأصوليون الجدد”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

روما، 28 أغسطس 2007 (Zenit.org) – تشكل النسبية الجامحة النموذج الجديد للأصولية، بحسب الكاتب ديكون دانيال براندنبرغ الذي يرى أن الكاثوليك مدعوون إلى النهوض والتحرك حيال ما يجري

ننشر في ما يلي الجزء الثاني من المقابلة التي أجرتها وكالة زينيت مع ديكون براندنبرغ الذي سوف يُرسَم كاهناً لجنود المسيح في شهر كانون الأول المقبل، والتي يعلّق فيها براندبرغ على كتابه “الأصوليون الجدد: ما وراء التسامح” الذي نشرته مؤخراً دار Circle Press.

 س: إن كتابك يذكر بين الفينة والفينة أفكاراً مقتبسة من ألكسيس دي توكفيل، المفكر الفرنسي الذي عاش في القرن التاسع عشر وصاحب كتاب “الديمقراطية في أميركا” Democracy in America. ماذا برأيك كان دي توكفيل ليقول اليوم لو رأى أثر النسبية في أميركا في أيامنا هذه؟

 ج: أعتقد أن دي توكفيل قد استشرف الخطر المحتمل للنسبية منذ البداية. هو كان من الأوائل الذين قالوا إن قيمة ديمقراطية ما تقاس بقيمة شعبها وإن صفة الأمة مرتبطة بالخصائص الأخلاقية لمواطنيها.  

 
من بين النقاط التي أناقشها في كتابي أنه قد أصبح لعقيدة التسامح أثر واضح وملموس على مسائل مثل الزواج والعائلة ونوعية العلاقات الإجتماعية عموماً؛ كما أنها تضعف الشعب الذي جعل أمتنا أمة قوية.

 س: ما هي برأيك المفاهيم الرئيسة التي تساعدنا على الخوض فعلياً في النقاش والفعل؟

 ج: قد يقول الكثيرون إن التسامح هو مفتاح العلاقات بين الأشخاص ولكنني سأذهب أبعد لأقول إن المحبة والحقيقة هما أهم بكثير.

 فإن كنتُ حقاً أهتمّ لأمر شخص ما– وهذه هي المحبة– سوف أبحث عن الحقيقة من أجله. فالطبيب لا يخدم مريضه إن أوهمه بأنه بخير، تماماً كما أن الوالدين يدمّران مستقبل ولدهما إن سمحا له بالقيام بأفعال مدمّرة مثل العلاقات الجنسية قبل الزواج أو تعاطي المخدرات. علينا أن نذهب إلى أبعد من التسامح ونسعى إلى الحقيقة؛ من هنا العنوان الفرعي لكتابي.  

 
لا يجوز أن نخاف الإعتراف بأن الحقيقة موجودة. إن الحسّ النسبي في مجتمعنا ينحى إلى رفض التصاريح القائمة على الحقيقة الموضوعية لأنه يفترض أن النمو في النضوج الفكري يتساوى مع النمو في الشك. بالنسبة إلى المفكّر المعاصر، يبدو أن الأناقة الفكرية تفترض الشك التلقائي، أي القدرة على رؤية الأمور من الزوايا كافة من دون الإلتزام بأي وجهة نظر.

 
مما لا شك فيه أن ثمة أمور كثيرة في الحياة تتسم بالتعقيد المشروع ولا يسهل الإجابة عن كل الأسئلة. إلا أن ذلك لن يشرّع يوماً غياب الأجوبة المطلقة على كل المسائل. 

 إن النضوج يعني الإنتقال من الشك إلى القناعة المتجددة حول ما هو جيّد وحقيقي. والحقيقة، في هذا الإطار، ليست مجرّد وهم أو سراب أو حالة ركود فكري نستقرّ فيها. على العكس، إن البحث عن الحقيقة هو مسيرة فيها من النشاط والفعالية والنمو والنقد والتمييز، لأنها تتطلب الذهاب إلى ما بعد الشك إلى تلقّف الواقع بكل أبعاده بعمق وربما بطهارة. مجدداً، إنها أن نسمح للواقع بأن يتحدّانا ويغيّرنا.

 يمكننا أن نحترم الناس ونقبل بحقهم بأن تكون لهم أفكارهم الخاصة، مع التأكيد في الوقت عينه على أن بعض الأفكار صائبة وأن أخرى تفتقر إلى كل ارتباط بالواقع المعيوش. إن جزءاً من الحوار يقوم على هذا الإحترام للغير والإستعداد للخوض في نقاش قائم على الحسنات الموضوعية لهذه الإفكار.

 وهذا هو المقصد من هذا الكتاب: تقديم أدوات ووسائل تتيح للكاثوليك الملتزمين — مثل جيف — الخوض في حوار منطقي مع العالم العلماني من دون أن يفقدوا الثقة في الحقيقة التي تلقّوها.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير