الأب رانييرو كانتالاميسا
روما، 2 نوفمبر 2007، (Zenit.org) – كان العلماء يرسلون منذ بعض الوقت إشارات إلى الفضاء أملاً بالحصول على رد من كائنات ذكية موجودة على كوكب ضائع. أما الكنيسة فلطالما حافظت على حوار مستمر مع سكان العالم الآخر – القديسين. هذا ما نعلنه عندما نقول "أؤمن بوحدة القديسين". وحتى لو كان هناك سكان خارج النظام الشمسي، فقد يكون التواصل معهم مستحيلاً لأن ملايين الأعوام تفصل بين السؤال والجواب. لكن في هذه الحال، يكون الجواب فورياً بفضل وجود مركز اتصالات ولقاءات مشترك، ألا وهو المسيح القائم من بين الأموات.
ربما بسبب تاريخ عيد جميع القديسين، يحمل الاحتفال بهذا العيد معنى خاصاً يفسر شعبيته والتقاليد المتعددة التي ترافقه في بعض قطاعات المسيحية. فالحافز هو ما يقوله يوحنا في القراءة الثانية. في هذه الحياة "نحن أطفال الله الآن؛ ما سنكون عليه لم يعلن حتى اليوم". نحن أشبه بالجنين في رحم الأم الذي يتطلع لأن يولد. القديسون قد "ولدوا" (اللاهوت يصف يوم الوفاة بأنه "يوم الولادة"). إن التأمل بالقديسين يعني التأمل بقدرنا. حولنا، الطبيعة تجرد نفسها والأوراق تتساقط بينما يدعونا الاحتفال بالقديسين إلى التأمل بالله ويذكرنا بأن لسنا مقدرين لأن نذبل على هذه الأرض إلى الأبد مثل أوراق الشجر.
الإنجيل يتحدث أيضاً عن التاطويبات: "طوبى للجائعين والمتعطشين للعدالة فسوف يرضون". القديسون هم من تعطش للعدالة، أي القداسة بالمعنى الإنجيلي. لم يقبلوا بالاعتدال ولم يرضوا بالحل الوسط.
أول قراءة في الاحتفال تساعدنا في فهم حقيقة القديسين. إنهم "من غسل أثوابهم بدماء الحمل". فالمسيح هو من يمنح القداسة. إنها ليست من إنتاجنا. في العهد القديم، القديس هو "الانفصال" عن كل ما هو غير طاهر. ويعني ذلك العكس في المفهوم النفسي أي "الاتحاد" مع المسيح.
فالقديسون، أي المنقذون، ليسوا من نذكرهم في الروزنامة أو كتب القديسين. "فالقديسون المجهولون" موجودون؛ إنهم من يخاطرون بحياتهم من أجل إخوانهم، شهداء العدالة والحرية، أو الواجب، "القديسون الخفيون" كما دعاهم أحدهم. من دون علمهم، غُسلت أثوابهم بدماء الحمل إذا عاشوا وفق ضمائرهم وإذا عملوا لخير إخوانهم.
وهنا يطرح السؤال التالي: ماذا يفعل القديسون في الجنة؟ فيكون الجواب: "المنقذون يتأملون ويسجدون أمام العرش قائلين "النعم والمجد، الحكمة والشكر..." فالدعوة الإنسانية تتحقق عبرهم، أي "المجد لله" (أفسس 1:14). فالسيدة مريم تقودهم وتكمل نشيد الثناء في الجنة، "روحي تعظم الرب". ففي هذا الثناء يجد القديسون سعادتهم وفرحهم. "روحي تفرح في الله". الإنسان هو من يحب ومن يقدر. فنحن نتحد بالله عبر المحبة والثناء ونشاركه مجده وسعادته.
في أحد الأيام، عاش القديس سيميون اللاهوتي الجديد تجربة روحية مع الله وكانت قوية إلى حد أنه قال لنفسه "إذا كانت هذه هي الجنة فهي تكفيني". لكن صوت المسيح أجابه قائلاً: "أنت فقير للغاية إذا رضيت بذلك فقط. فالفرح الذي عشته مقارنة مع الجنة هو أشبه بالسماء على الورق مقارنة مع السماء الحقيقية".
[ترجمة ZENIT]
* * *
الأب رانييرو كانتالاميسا هو واعظ الكرسي الرسولي. رؤيا قراءات احتفال عيد جميع القديسين 7:2-4، 9-14؛ يوحنا 3: 1-3، متى 5: 1-12أ.