الفاتيكان، 14 نوفمبر 2007 (ZENIT.org). – تابع بندكتس السادس عشر الحديث عن القديس إيرونيموس الذي كان قد بدأ الحديث عنه الأسبوع الماضي وتوقف البابا في القسم الأخير من التعليم على عظم شخصية إيرونيموس كمربي، وكشخصية نبوية وسابقة لعصرها في مفهومة لترقية المرأة وتنشئتها، وفي تقديره للآداب العبرانية واليونانية والرومانية.
ففي موضوع تنشئة الأبناء، التزم إيرونيموس “بتنشئة النفس التي يجب أن تصبح هيكلاً لله” و “جوهرة كريمة” في أعين الله. وبحدس عميق كان ينصح بحمايتها من الشر ومن ظروف الخطيئة، وتحاشي الصداقات الخادعة والمشتِتة. وخصوصًا كان ينصح الأهل بأن يخلقوا مناخًا من الهدوء والفرح حول أولادهم، وأن يحثوهم على الدرس والعمل، وأيضًا على تسبيح الله والمنافسة، وأن يشجعوهم على تخطي الصعوبات، ويعززوا فيهم العادات الحميدة ويحموهم من تعلم العادات السيئة لأنه “بصعوبة ستستطيع أن تصلح نفسك من الأمور التي تعتاد عليها بسهولة”.
وتابع البابا ملخصًا تعليم القديس: “الأهل هم في الأصل مربو الأبناء، وأول معلمي الحياة”. لذا يحض إيرونيموس في كلامه إلى أم فتاة، مشيرًا من ثم إلى والدها، وكأنه يعبر عن ضرورة أساسية يواجهها كل إنسان يأتي إلى الوجود: “فلتجد فيكِ معلمة، ولينظر صباها غير الخبير إليكِ بعجب. لا يجب أن ترى أبدًا، لا فيك ولا في والدها، مواقف تقود إلى الخطيئة، مخافة أن تقتدي بها. اذكروا أنكم… تستطيعون أن تربوها أكثر بالمثال منه بالكلمة”.
كان إيرونيموس يكرس أهمية خاصة إلى “التربية السليمة والمتكاملة منذ الطفولة”.
وفي موضوع ترقية المرأة قال الأب الأقدس متحدثًا عن موقف القديس: “هناك بُعد لم يكن يحظى باعتبار كبير في الأزمنة القديمة، ولكن كاتبنا كان يعتبره حيويًا، وهو ترقية المرأة، التي يعترف لها بحق التنشئة الكاملة: الإنسانية، الدراسية، الدينية والمهنية”.
وأضاف بندكتس السادس عشر: “نرى اليوم كيف أن تربية الشخصية بكليتها، والتربية على المسؤولية أمام الله وأمام الإنسان، هي الشرط الحقيقي لكل تقدم، لكل سلام، لكل مصالحة ورفض للعنف. التنشئة أمام الله وأمام الإنسان: الكتاب المقدس هو الذي يقدم لما السبيل إلى التنشئة وبالتالي إلى نهضة إنسانية حقة”.
وأخيرًا أشار الأب الأقدس إلى تقدير إيرونيموس للثقافات القديمة، العبرانية، اليونانية والرومانية في الحضارة المسيحية الناشئة. فقد “اعترف إيرونيموس بالقيم الفنية وتشربها، إلى جانب غنى العواطف وانسجام الصور الحاضرة في الكلاسيكيين، التي تربي القلب والمخيلة على القيم النبيلة”.