انطلياس/ لبنان، 30 نوفمبر 2007 (zenit.org). - افتتح غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، ممثلاً بنائبه العام المطران رولان أبو جودة معرض الإعلام المسيحي: " وسائل الإعلام وتحديات التربية " الذي ينظمه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان (أوسيب لبنان) في قاعة المعارض في دير مار الياس- أنطلياس بين 29 تشرين الثاني و9 كانون الأول 2007.

 حضر حفل الافتتاح العقيد أنطوان نجيم ممثلاً العماد ميشال سليمان الأستاذ جوزف شهدا ممثل الجنرال ميشال عون، الأستاذ مارون مارون ممثل الدكتور سمير جعجع، والمطارنة شكرالله حرب، جورج اسكندر، فرنسيس البيسري، بول دحدح، ميشال أبرص والرئيس العام للرهبانية الأنطونية الأباتي بولس تنوري، الأرشمندريت أنطوان نصر ممثل المطران يوسف كلاس، الأخت باسكال العريض ممثلة المرشدية العامة للسجون، الأم باسكال خضره الرئيسة العامة لأخوات الخدمة الصالحة، الأب المدبّر نضال جبلي ممثلاً الرئيس العام للرهبانية المخلصية، الأرشمندريت جان فرج، الأب جوزف خوري ممثل المطران الياس كفوري، الأب الياس عكاري ممثل المطران جورج صليبا، الأباتي الياس صادر رئيس عام رهبانية الفادي الأقدس والسيّد العلاّمة هاني فحص، ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، الأستاذ مارك بخعازي ممثل النقيب ملحم كرم، الأستاذ طوني قديسي ممثل الدكتور إيلي حاكمة رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، الأستاذ إيلي قرداحي ممثل الأب لويس سماحة رئيس كاريتاس لبنان، الدكتور سركيس فدعوس نقيب التوبوغرافيين ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من رجال الدين، الرهبنات والإعلاميين والفاعليات الثقافية والاجتماعية.

 
بدأ الاحتفال بعرض فيلم وثائقي قصير عن شهداء الصحافة الذين خسرهم الوطن في السنوات الأخيرة، والوقوف دقيقة صمت  عن أرواحهم.

ثمّ ألقى المطران أبو جودة كلمة رأى فيها " أن التحديات التي على التربية أن تواجهها إنما عدد كبير منها مرتبط بما لوسائل الإعلام من تأثير بالغ في عالمنا ".

 وقال: " بات على الأهل أن يتنبهوا الى تنشئة اولادهم من قبل وسائل الإعلام أي بواسطتها كما عليهم أن ينشؤهم لمواجهة وسائل الإعلام، بطريقة صحيحة. ولا مجال للإسترسال في هذا الموضوع، انما اود أن أذكر ان الباحثين يحذرون من ان المزيد من الأطفال في العالم اصبحوا أكثر مشاهدة لمواقع اباحية على الإنترنيت عن غير قصد لكثرة هذه المواقع وسهولة النفاذ اليها. كما أكدوا ان التعرض المفاجىء لأطفال على غير استعداد عاطفي بعد لفهم مسائل الجنس لمواقع تشمل صوراً فاضحة وغير طبيعية قد يحدث صدمة لديهم ويجعلهم عرضة لانتهاكات جنسية عبر الإنترنيت وغيره. كما يسيء الى نظرتهم الى الجنس ويؤثر سلباً على حياتهم الجنسية مستقبلاً "

 وأضاف: " كذلك على الكنيسة أن تتنبه لكل ذلك بالنسبة الى جميع المؤمنين وهذا ما فتئت تعمله الكنيسة في لبنان بواسطة اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، وتلي لوميار ونور سات، وصوت المحبة، والإتحاد العالمي للصحافة الكاثوليكية وسواها. وما اليوم العالمي السنوي لوسائل الإعلام الاّ وسيلة لتحقيق التوعية المنشودة. "

 بعد ذلك ألقى رئيس الاتحاد الأب طوني خضره كلمة أوضح فيها أن معرض الإعلام المسيحي أتى في سنواته الأولى كفرصة للدفاع عن الحريات الإعلامية وحرية الرأي في ظل وصاية سعت لقمع هذه الحريات.

 وقال: " صحيح اننا قلقون على الوطن الذي هو اليوم كسفينة تبحر بلا ربان، بحّاروها متفرقون، وركابها حائرون، والموج يضربها من كل جانب ولا من يقودها الى شاطئ الامان. غير ان هذا القلق يدفعنا الى مضاعفة جهودنا على اكثر من صعيد. ولقاؤنا هذا المساء تعبير عن ايماننا هذا الذي نعاهدكم بان يتوسع الى اكثر من النشاط الفكري والثقافي والاعلامي. "

 أضاف: " كلنا، من دون استثناء، معنيون بما آلت اليه حال الوطن. هل نبقى مكتوفي الايدي ننتظر ما يقرره الاخرون عنا؟ كيف يمكن ان نُسمع اصواتنا ؟ لا بل كيف يمكن ان نشارك في صنع القرار؟ هذا ما يجب ان نفكر فيه كلنا. لقد اطلق الاتحاد مع مجموعات من الهيئات الروحية والمجتمع المدني شعلة الوحدة والسلام طافت في المناطق رفضا للعودة الى تقاتل الاخوة كما صلت من اجل وحدة القيادات المسيحية كي يلهمهم الله ما فيه خير شعبهم، وهذه الشعلة مشاركة بجناح في المعرض لتتفاعل مع المؤمنين. أمام الوضع البائس الذي يعيشه وطننا نسأل انفسنا:  أين نحن من كلام البابا يوحنا بولس الثاني بأن لبنان رسالة؟ اين هي الشهادة المطلوبة من المسيحبيين فيما هم منقسمون وهم أولى بالرسالة في لبنان والشرق؟ اين هم من مبادئ  الرجاء والتجدّد والوحدة والقيامة؟  كيف يفترض بالقيادات المسيحية  ان تلعب دور الرسالة هذا؟ أو ليس المفترض بالقائد  ان يعطي الأمل لشعبه وان يرسم له الغد المشرق؟ "

 وتمنى أن يبقى المعرض مساحة حرية وثقافة يلتقي الجميع فيه على الرغم من كل الصعوبات، وأن يكون لبنان في العام المقبل قد استعاد سلامه ودوره الريادي في الشرق.

 تخلّل الاحتفال مجموعة ترانيم دينية أنشدتها كل من كارلا رميا وألين لحّود وغريس ديب.

تعليم الأربعاء لقداسة البابا بندكتس السادس عشر

الفاتيكان، 28 نوفمبر2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي التعليم الذي تلاه قداسة البابا بندكتس السادس عشر في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.

* * *

القديس افرام السرياني

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

بحسب الرأي السائد اليوم، يتم اعتبار المسيحية دينًا أوروبيًا، قام بنشر ثقافة هذه القارة في دول أخرى. ولكن واقع الأمور أكثر تعقيدًا، لأن جذور الدين المسيحي هي في العهد القديم وبالتالي في أورشليم وفي العالم السامي. والمسيحية تتغذى على جذر العهد القديم هذا. وكذلك انتشاره في العصور الأولى، تم في اتجاه الغرب – نحو العالم اليوناني واللاتيني، حيث ألهم الثقافة الأوروبية – وفي اتجاه الشرق، وصولاً إلى بلاد الفرس، والهند، مسهمًا بذلك في قيام ثقافة خاصة، ساميّة اللغة، ذات هوية خاصة.

 لإظهار تعدد وجوه إيمان فجر المسيحية، تحدثت في تعليم الأربعاء الماضي عن ممثل لهذه المسيحية الأخرى، أفرهاط الحكيم الفارسي، الذي نعرف القليل عنه.

 في الخط عينه أود أن أتحدث اليوم عن القديس افرام السرياني، الذي ولد في نصيبي نحو العام 306 في عائلة مسيحية. هو أكبر ممثل للمسيحية السريانية وقد تمكن أن يوفق بين دعوته كلاهوتي وكشاعر.

 تنشأ ونما بالقرب من يعقوب، أسقف نصيبي (303 – 338)، وأسس معه المدرسة اللاهوتية في مدينته. سيم شماسًا، وعاش يعمق حياة الجماعة المسيحية حتى عام 363، السنة التي وقعت فيها نصيبي بيد الفرس. وعندها هاجر إلى أديسا، حيث تابع رسالته كواعظ. مات في هذه المدينة عام 373، ضحية الطاعون الذي أصيب بعدواه خلال عنايته بمرضى الطاعون.

 لا نعرف بالتأكيد هل كان راهبًا أم لا، ولكن على كل حال، من المؤكد أنه بقي شماسًا طيلة حياته وقد اعتنق البتولية والفقر. وهكذا تظهر في خصوصية تعبيره الثقافي الهوية المسيحية المشتركة والأساسية: الإيمان، الرجاء – هذا الرجاء الذي يؤهل المرء أن يعيش فقيرًا وعفيفًا في هذا العالم، واضعًا كل تطلعاته في الرب – وأخيرًا المحبة، وصولاً إلى هبة الذات في عنايته بمرضى الطاعون.

 لقد ترك لنا القديس افرام إرثًا لاهوتيًا ضخمًا: يمكننا أن نقسم مؤلفاته اللاهوتية إلى 4 أقسام: كتابات وضعت في نثر عادي (الكتابات الجدلية، أو التفاسير البيبلية)؛ كتابات في نثر شعري؛ عظات في بيوت شعرية؛ وأخيرًا الأناشيد، وهي أوسع مؤلفات افرام.

 افرام السرياني مؤلف غني ومشوق لأسباب عدة، وخصوصًا من الناحية اللاهوتية. خصوصية كتاباته هي أن اللاهوت والشعر يلتقيان فيها. وإذ نتقرب من كتاباته، علينا أن نصر على هذا الأمر منذ البدء: أي أنه يؤلف اللاهوت ببنية شعرية. يؤهله الشعر أن يتعمق في التفكير اللاهوتي من خلال المفارقات والصور. في الوقت عينه يصبح اللاهوت ليتورجية، يضحي موسيقى.

 كان بالحقيقة مؤلفًا موسيقيًا كبيرًا، كان موسيقارًا كبيرًا. اللاهوت، التفكير بالإيمان، الشعر، الغناء، وتسبيح الله تتماشى سوية؛ وفي هذا الطابع الليتورجي بالضبط، تتجلى في لاهوت افرام بشكل صافٍ الحقيقة اللاهوتية.

 في بحثه عن الله، وفي عمله اللاهوتي، يتبع افرام درب المفارقة والرمز. تحظى لديه الصور المتعارضة بتفضيل كبير، لأنها تفيد في التشديد على سر الله.

 لا يمكنني أن أقدم الكثير من مؤلفاته، وذلك نظرًا لصعوبة ترجمة الشعر، ولكن لكي نعطي أقله فكرة عن لاهوته الشعري، أود أن أستشهد بشكل جزئي بنشيدين. وخصوصًا، نظرًا لدنو زمن المجيء، أعرض عليكم بعض الصور المختارة من أناشيد “في ميلاد المسيح”. أمام العذراء، يعبر افرام بشكل ملهم عن دهشته: