روما، 30 نوفمبر 2007 (zenit.org). - يعمل أحد الكهنة في روما على تحويل ملحمة "الكوميديا الإلهية" لدانتي إلى مسرحية موسيقية تشكل ثورة... بما فيها من موسيقى الجاز والروك الثقيل والألحان الغريغورية الكلاسيكية.

وقال المونسنيور ماركو فريسينا، مدير الاحتفالات الليتورجية لأبرشية روما ومؤلف معروف في عالم الموسيقى الدينية، إن العمل الجديد الذي يحمل إسم: "أوبرا الكوميديا الإلهية" يحاول أن ينقلنا إلى أجواء القرون السبع التي تفصلنا عن زمن دانتي.

وشرح المونسنيور فريسينا أنه "على الصعيد الموسيقي، هناك سبعة قرون تفصلنا عن الزمن الذي عاش فيه دانتي...فننتقل من عصر الغريغورية إلى عصر الـ"هافي ميتال"، ومن الجاز إلى التانغو، من الموسيقى الرومنطيقية إلى الموسيقى الحزينة، ومن السول إلى البلوز...".

وملحمة "الكوميديا الإلهية" هي من روائع الأدب الإيطالي. وعلى هذا الأساس، وقال المونسنيور فريسينا إنه يريد المسرحية الموسيقية أن تكون مئة في المئة "صُنع في إيطاليا"، فتكون الأوركسترا المؤلفة من مئة عازف والراقصون والمغنون الخمسون ومصممو البذلات المئتين والخمسين من الإيطاليين حصراً.

وفي حين أن دانتي أليغييري قد كتب هذه الملحمة الشهيرة في القرون الوسطى، يقول المونسنيور فريسينا إنها في الواقع عمل معاصر للغاية يتوجه إلى إنسان هذا الزمن.

وأوضح المونسنيور "أنها من أكثر النصوص عمقاً وعالميةً. فهي تستقي جوهرها من صميم قلب الإنسان وتصفه وصفاً ليس ما يضاهيه واقعيةً، لذا تصلح لكل الأزمنة".

وستجد عظمة شعر دانتي ما يوازيها عظمةً على خشبة المسرح. فهي أكبر خشبة مسرح أبداً، يبلغ طولها 92 قدماً وعرضها 59 قدماً. ومن المتوقع أن تضفي المؤثرات الخاصة عليها انطباعاً ثلاثي الأبعاد، ما ينقل الجمهور مع دانتي من الجحيم إلى الجنة.

جرى العرض الأول لـ"أوبرا الكوميديا الإلهية" في روما في 22 نوفمبر الجاري ومن المتوقع أن تجوب المسرحية أنحاء أوروبا والولايات المتحدة... صحيحٌ أن الحصول على بطاقات للمسرحية قد يكون تحدياً حقيقياً، ولكن التجربة تعد بأن تكون فريدة لا تنتسى... ما يستحق عناء المحاولة...

تعليم الأربعاء لقداسة البابا بندكتس السادس عشر

الفاتيكان، 28 نوفمبر2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي التعليم الذي تلاه قداسة البابا بندكتس السادس عشر في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.

* * *

القديس افرام السرياني

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

بحسب الرأي السائد اليوم، يتم اعتبار المسيحية دينًا أوروبيًا، قام بنشر ثقافة هذه القارة في دول أخرى. ولكن واقع الأمور أكثر تعقيدًا، لأن جذور الدين المسيحي هي في العهد القديم وبالتالي في أورشليم وفي العالم السامي. والمسيحية تتغذى على جذر العهد القديم هذا. وكذلك انتشاره في العصور الأولى، تم في اتجاه الغرب – نحو العالم اليوناني واللاتيني، حيث ألهم الثقافة الأوروبية – وفي اتجاه الشرق، وصولاً إلى بلاد الفرس، والهند، مسهمًا بذلك في قيام ثقافة خاصة، ساميّة اللغة، ذات هوية خاصة.

 لإظهار تعدد وجوه إيمان فجر المسيحية، تحدثت في تعليم الأربعاء الماضي عن ممثل لهذه المسيحية الأخرى، أفرهاط الحكيم الفارسي، الذي نعرف القليل عنه.

 في الخط عينه أود أن أتحدث اليوم عن القديس افرام السرياني، الذي ولد في نصيبي نحو العام 306 في عائلة مسيحية. هو أكبر ممثل للمسيحية السريانية وقد تمكن أن يوفق بين دعوته كلاهوتي وكشاعر.

 تنشأ ونما بالقرب من يعقوب، أسقف نصيبي (303 – 338)، وأسس معه المدرسة اللاهوتية في مدينته. سيم شماسًا، وعاش يعمق حياة الجماعة المسيحية حتى عام 363، السنة التي وقعت فيها نصيبي بيد الفرس. وعندها هاجر إلى أديسا، حيث تابع رسالته كواعظ. مات في هذه المدينة عام 373، ضحية الطاعون الذي أصيب بعدواه خلال عنايته بمرضى الطاعون.

 لا نعرف بالتأكيد هل كان راهبًا أم لا، ولكن على كل حال، من المؤكد أنه بقي شماسًا طيلة حياته وقد اعتنق البتولية والفقر. وهكذا تظهر في خصوصية تعبيره الثقافي الهوية المسيحية المشتركة والأساسية: الإيمان، الرجاء – هذا الرجاء الذي يؤهل المرء أن يعيش فقيرًا وعفيفًا في هذا العالم، واضعًا كل تطلعاته في الرب – وأخيرًا المحبة، وصولاً إلى هبة الذات في عنايته بمرضى الطاعون.

 لقد ترك لنا القديس افرام إرثًا لاهوتيًا ضخمًا: يمكننا أن نقسم مؤلفاته اللاهوتية إلى 4 أقسام: كتابات وضعت في نثر عادي (الكتابات الجدلية، أو التفاسير البيبلية)؛ كتابات في نثر شعري؛ عظات في بيوت شعرية؛ وأخيرًا الأناشيد، وهي أوسع مؤلفات افرام.

 افرام السرياني مؤلف غني ومشوق لأسباب عدة، وخصوصًا من الناحية اللاهوتية. خصوصية كتاباته هي أن اللاهوت والشعر يلتقيان فيها. وإذ نتقرب من كتاباته، علينا أن نصر على هذا الأمر منذ البدء: أي أنه يؤلف اللاهوت ببنية شعرية. يؤهله الشعر أن يتعمق في التفكير اللاهوتي من خلال المفارقات والصور. في الوقت عينه يصبح اللاهوت ليتورجية، يضحي موسيقى.

 كان بالحقيقة مؤلفًا موسيقيًا كبيرًا، كان موسيقارًا كبيرًا. اللاهوت، التفكير بالإيمان، الشعر، الغناء، وتسبيح الله تتماشى سوية؛ وفي هذا الطابع الليتورجي بالضبط، تتجلى في لاهوت افرام بشكل صافٍ الحقيقة اللاهوتية.

 في بحثه عن الله، وفي عمله اللاهوتي، يتبع افرام درب المفارقة والرمز. تحظى لديه الصور المتعارضة بتفضيل كبير، لأنها تفيد في التشديد على سر الله.

 لا يمكنني أن أقدم الكثير من مؤلفاته، وذلك نظرًا لصعوبة ترجمة الشعر، ولكن لكي نعطي أقله فكرة عن لاهوته الشعري، أود أن أستشهد بشكل جزئي بنشيدين. وخصوصًا، نظرًا لدنو زمن المجيء، أعرض عليكم بعض الصور المختارة من أناشيد “في ميلاد المسيح”. أمام العذراء، يعبر افرام بشكل ملهم عن دهشته: