بندكتس السادس عشر: "ليس العلم، بل الحب هو ما يفدي الإنسان"

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم روبير شعيب

 الفاتيكان، الثلاثاء 10 يونيو 2008 (Zenit.org). – افتتح البابا بندكتس السادس عشر مساء أمس الاثنين مؤتمر أبرشية روما حول موضوع “يسوع قام: التربية على الرجاء في الصلاة، والعمل، والألم”.

 وذكر البابا في مطلع كلمته أن هذا المؤتمر الأبرشي ركز الانتباه في السنوات الثلاث الماضية على العائلة، وبوجه خاص، في العامين السالفين على تنشئة الأجيال الشابة. وأشار البابا إلى أن هذا الأمر يرتبط أوليًا بالعائلة، إلا أنه “يرتبط أيضًا ومباشرة بالكنيسة، والمدرسة والمجتمع بأسره”.

 كما ولفت إلى أن الهدف المحدد للسنة القادمة، والذي سيتوقف المؤتمر الأبرشي على درسه، هو التنشئة على الرجاء اللاهوتي، “الذي يتغذى من الإيمان والثقة بالله الذي كشف عن نفسه في يسوع المسيح، كصديق الإنسان الحق”.

 وانطلاقًا من موضوع المؤتمر “يسوع قام: التربية على الرجاء في الصلاة، والعمل، والألم”، أشار البابا إلى أن “يسوع القائم من الموت هو بحق ركيزة لا تتزعزع يعتمد عليها إيماننا ورجاؤنا”، لافتًا إلى أن قيامة يسوع هي ركيزة المسيحية منذ عهد الرسل، بحيث يصرح بولس الرسول: “إذا كان المسيح لم يكن، فإن تبشيرنا باطل، وباطل إيمانكم” (1 كور 15، 14).

 ” قيامة المسيح هي حدث تم في التاريخ، والرسل هم شهود لهذا الحدث لا مؤلفون له. وهو ليس رجوعًا بسيطًا إلى الحياة الأرضية؛ بل هو أكبر “تحول” تم في التاريخ، إنه “قفزة” مصيرية نحو بعد حياة جديدة عميقة، إنه الدخول في إطار مغاير بالكلية، ويتعلق بيسوع الناصري، ومن خلاله يتعلق بنا جميعنا، بكل العائلة البشرية، بالتاريخ وبالكون بأسره”.

 على ضوء المسيح القائم يمكننا أن نفهم أبعاد الإيمان المسيحي الحقة كـ “رجاء يحول الحياة ويثبتها” (الرسالة العامة “مخلصون بالرجاء”، 10)، فنتحرر من الأوهام والخيارات الكاذبة “التي أضعفت وضيقت رجاءنا على مر العصور”.

 ورغم أن الرجاء يمتد إلى الحياة الأبدية إلا أنه، لأجل ذلك بالذات يلمس ويحرك ويحول وجودنا الأرضي اليومي، ويوجه آمالنا البسيطة ويمنحها معنىً عميقًا.

 وبشكل مماثل، الرجاء المسيحي هو في الوقت عينه رجاء “شخصي” و “جماعي”، هو رجاء للكنيسة وللعائلة البشرية بأسرها. إنه “جوهريًا رجاء للآخرين؛ وبهذا الشكل فقط هو حقًا رجاء بالنسبة لي أيضًا”.

 ولفت البابا إلى أن العيش عيشة رجاء في روما في هذه الأيام ليس أمرًا سهلاً تمامًا كما هو الحال في كل العالم. إذ تطغى، ناحية، مواقف نقص الرجاء تناقض “الرجاء الكبير” المرتكز على الإيمان، كما وتناقض “الآمال الصغيرة” التي تعزينا عادة في جهودنا للوصول إلى تحقيق أهداف حياتنا اليومية. “هناك حس شائع بأن السنين الفضلى، في إيطاليا وفي أوروبا، قد صارت تاريخًا غابرًا، وأن مصيرًا حتميًا من عدم الاستقرار ينتظر الأجيال الجديدة”.

 من ناحية أخرى، هناك توقعات وانتظارات كبيرة تتمحور حول التكنولوجيا والعلم، التي تغير حقًا بشكل إيجابي حياتنا اليومية. ولا يمكننا أن نقلل من أهمية العلوم ولا أن ننكر إسهامها الكبير، ولكن – حذر البابا – سيكون ضعف نظر خطير إذا لم نلحظ أن تقدُّم العلوم يضع في أيدينا أيضًا الكثير من “إمكانيات الشر”، وأن العلوم والتكنولوجيا لا تستطيع أن تعطي “معنى” لحياتنا، ولا أن تعلمنا التمييز بين الخير والشر.

 واستشهد البابا بالرسالة العامة “مخلصون بالرجاء” حيث صرح “ليس العلم، بل الحب هو ما يفدي الإنسان”.

 وأشار البابا أن هذه الاعتبارات تجعلنا نلمس “ضعف الرجاء في العالم حيث نعيش”. وقد عبر القديس بولس عن سبب هذا الضعف عندما كتب إلى مسيحيي أفسس، مذكرًا إياهم أنهم قبل لقائهم بالمسيح كانوا “دون رجاء ودون إله في العالم”.

 واستنكر البابا لتنكر الثقافة لله “ووضعه بين قوسين في الحياة الشخصية والعامة”، وحذر أن نفي الله يجعل آمالنا الكبيرة والصغيرة هشة ومرتكزة على الفراغ.

 ولذا أوضح البابا أن الغاية من هذا المؤتمر هي “أن نفتح قلبنا، وعقلنا وحياتنا بأسرها لله، لكي نكون بهذا الشكل شهودًا أمام إخوتنا”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير