لماذا ولد يوحنا؟

 
بحسب قول باسكال الرائع، تفوق قيمة روح واحدة كل الكون المرئي. ولكن إذا ما أردنا أن ندرك هذه الحقيقة بشكل حي، يجب علينا أن نتوب؛ يجب أن نقوم بتحول داخلي، أن نتغلب على السحر الذي سحر الواقع المرئي، وأن نحوز لمسًا، وسمعًا، ورؤية حساسة على اللامنظور. يجب أن نعتبر الأمور اللامرئية أكثر أهمية من كل الأشياء التي تفرض ذاتها علينا بقوة يومًا بعد يوم. "توبوا": غيروا طريقة تفكيركم، وتطلعاتكم لكي تتمكنوا من حدس حضور الله في العالم؛  غيروا طريقة تفكيركم لكي يضحي الله حاضرًا فيكم وعبركم في العالم. يوحنا نفسه لم ينج من المهمة الصعبة المتمثلة بتغيير تفكيره، بارتداده، بعيش "ألخيمية الكيان" بحسب ما يسميها دو لوباك. لقد بدأ تحول تفكيره عندما باشر بالتبشير، كصوت صارخ في البرية، بشخص لم يعرفه... ولكن ألم يوحنا الحقيقي، إعادة الإخراج الحقة لكل كيانه في علاقته مع الله، إذا جاز التعبير، بدأ مع رسالة يسوع بينما كان يوحنا في السجن. لم تكن ظلمة غرفة السجن الظلمةَ الرهيبة التي كان على يوحنا تحملها. الظلمة الحقة كانت تلك التي أسماها مارتن بوبر "كسوف الله": الشك الحاد الذي خبره يوحنا بالنسبة لرسالته ولهوية ذلك الذي سعى أن يهيئ له الطريق.