الحادي عشر من يونيو
روما، الأربعاء 11 يونيو 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الحادي عشر من يونيو للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".
الافخارستيا: نموذج العبادة الجوهري
يمثل الصليب في الكتاب المقدس التعبير عن الحياة الموهوبة بالكلية إلى الآخرين. ليس الإنسان مَن يذهب إلى الله بتقدمة تعويضية، بل الله نفسه يأتي إلى الإنسان، لكي يهبه ذاته. يقوّم الله العدل المهشّم عبر مبادرة قوة حبه، حيث يجعل الإنسان الخاطئ بارًا من جديد، والميت حيًا من جديد، وكل ذلك عبر رحمته الخلاقة. يظهر الصليب في العهد الجديد بشكل أولي كحركة من العلاء إلى الأسفل. لا يقف كعلامة للتكفير الذي تقدمه البشرية لإرضاء إله ساخط، بل كتعبير عن جنون حب الله الذي يبذل نفسه حتى الاتضاع بغية افتداء الإنسان؛ إنه دنو الله منا وليس العكس... العبادة أيضًا، وكامل الوجود البشري يأخذ اتجاهًا جديدًا في المسيحية. تتألف العبادة في المسيحية قبل كل شيء في قبول عمل الله الخلاصي. نموذج العبادة المسيحية الأول يسمى بحق "افخارستيا"، شكران. في نموذج العبادة هذا، لا يتم عرض المساعي البشرية أمام الله؛ بل بالعكس، يتألف هذا النموذج من تقبل الإنسان للهبات؛ لا نمجد الله عبر تقدمة مواردنا... بل عبر السماح له بأن يسبغ علينا مواهبه معترفين بالتالي بأنه الرب الأوحد. نعبده عندما نخلع عنا عالمًا وهميًا نكون فيه أمام الله شركاء عمل مستقلين... التقدمة المسيحية لا تتألف في أن نهب الله ما قد لا يملك من دوننا، بل في أن نضْحي منفتحين بالكامل عليه بحيث نسمح له أن يمتلكنا بالكلية. أن نفسح المجال لله أن يعمل فينا: هذا هو كنه التقدمة المسيحية.