أتستلم اليوم من الكنيسة المقدسة رعاية هذه البطريركية المقدسية العزيزة على قلوبنا جميعا ” أم جميع الكنائس”، وذلك بعد إستعداد دام حوالي ثلاث سنين. أرث التحديات التي تواجهنا والمشاكل الكثيرة التي تراكمت من الداخل ومن الخارج، وكلي أمل وثقة بأنني لست وحدي في الميدان، راكنا إلى نعمة الرب ” التي ما كانت فينا باطلة” ) ۱كورنثوس ۱٥: ۱٠)، وقوة المخلص التي ” تكمل في ضعفنا”، ) ٢ كورنثوس ١٢: ٩)
لقد مررنا أمام الجلجلة وحجر التحنيط، قبل أن نصل إلى مكان القيامة:
من قبلنا ذاق السيد المسيح طعم المآسي الإنسانية، وأبشع مظاهر العنف، من حرمان وظلم ووحدة ونزاع. وصار يحمل صليبه في شوارع القدس الضيقة، وسقط المرّة تلو المرّة، ونهض وتابع المسيرة إلى أن مات على الصليب، ودفن وداسته الأرجل كأي حبة حنطة تموت.
ونحن على علم شعباً وكنيسة وأفراد: نحن على علم بما ينتظرنا من صليب وتحديات وصعوبات. نحن على علم مسبقاً بكبوات تنتظرنا وضربات موجعة، فموتك اللهم لا يزال يتحقق ويتكرر في شخص كل متألم ومضطهد وخائف ومشرد.
وشعبنا في الأرض المقدسة، أسوة بشعوب الشرق قاطبة – لا يزال يئن ويتألم وينتظر ساعة الفرج – ساعة القيامة، إذ قد طالت وطالت درب الصليب. ونحن على يقين بأن المسافة بين الجلجلة وهذا القبر قصيرة، وأن المسافة بين الموت والقيامة هي أقصر، وعليه لا داعي للخوف.
· وجود العديد من الرهبنات التي تقف بجانبنا بصلاتها ومحبتها وصداقتها، وخدماتها ومواهبها المميّزة المتميزة، وعلى رأسها رهبنة القديس فرنسيس الإسيزي، حارسة الأراضي المقدسة منذ القرن الثالث عشر.
· وجود العديد من الأصدقاء الذين أتوا من قريب ومن بعيد، والذين تحتل المدينة المقدسة وبطريركيتها اللاتينية في قلوبهم مكان الصدارة.
· وجود العديد من محبي كنيسة الله هذه، ومن جميع الرعايا والأديان، لا يترك عندنا مجالاً للخوف أو التردد.
· محاطين بإخوتي كهنة البطريركية، لا يجدر بنا أن نخاف ولا أن نتردد، فالنعمة الرسولية، والمحبة الأخوية، والحرص الراعوي من مزاياهم منذ تجديد البطريركية سنة 1847.
فنعمتك اللهم تكفيني وباسمك أرمي الشباك
من هنا، بنعمة القائم من الموت، نوجه نداء إستغاثة لرؤساء الشعوب المتخاصمة، وكلها غالية علينا:
“إن خافوا الله إرحموا رعاياكم، وإشفقوا على شبابهم وأطفالهم وشيوخهم، تمنطقوا بروح الشجاعة لتجدوا الحلول العادلة، علنا نعيش ونتعايش في سلام وطمأنينة.
ونوجه نداء إستغاثة للمجتمع الدولي لكي يتحلى بروح المسؤولية والشجاعة والعدل، ويساعد شعوب المنطقة على أخذ القرار السليم. ونحن على ثقة بأن السلام ممكن، والعدل ممكن، والثقة المتبادلة ممكنة.
*****************
لقد قام كما قال:
الكلمة الأخيرة في أحداث التاريخ ليست للكره والإنقسامات والعنف. حفلة اليوم تحي فينا الرجاء الكبير.
المسيح قام وإنتصر، فالحب أقوى.
مع المسيح نقوم وننطلقمع المسيح نعمل من أجل عالم مبني على السلام والعدل والطمأنينة.
لترافقنا مريم التي رافقت إبنها على درب الألام والصليب، وشاركته في تحقيق مشروعه الخلاصي. آمين
† البطريرك فؤاد طوال
القدس، كاتدرائية كنيسة القيامة، في 22 حزيران 2008