علاقة الآب-الابن
أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن أسلط الضوء على علاقة الآب-الابن الفريدة جدًا. هناك، في المقام الأول، قاعدة شاملة للمعرفة تعبر عنها هذه العبارة: “ما من أحد يعرف الآب إلا الابن؛ ما من أحد يعرف الابن إلا الآب”. وهي تشير إلى أن المِثل وحده يستطيع أن يعرف المِثل. حيث ينتفي التماثل الداخلي مع الله تنعدم إمكانية معرفة الله. فمعرفة الله ممكنة، بالمعنى الحصري، لله وحده. وبالتالي، أن تُسبغ معرفة الله على الإنسان، يعني أن الله يجذب الإنسان إلى علاقة صداقة وأن الإنسان يصبح مماثلاً لله لدرجة كبيرة بحيث يصبح التعرف والمعرفة ممكنين. وعندها يتابع يسوع: ما من أحد يعرف الآب إلا الابن، والذي يريد الابن أن يكشفه له”. بكلمات أخرى: التعرف والمعرفة هما فقط ثمرة اتحاد إرادات… ما كان لنموذج العلاقات بين الأب والابن [البشريين] أن يكون تشبيهاً يرفعنا فنتمكن من إلقاء نظرة بعيدة إلى سر الله الباطني، لو لم يكن هناك أثرًا لله فيه. هذه العلاقة المحددة بين الأب وابنه – والتي هي علاقة عطاء وأخذ وعطاء في المقابل – هي أساسية للحياة البشرية. إذا تابع المرء التفلسف من هذا المنطلق، فعليه لا محالة أن يطرح مسألة العائلة البشرية، ويصل المرء بالتالي إلى مواجهة بعض المحدوديات. ولكن، على كل حال، هذه العلاقة الخاصة هي عظيمة بحق لدرجة أنها تستطيع أن ترتفع وتسمو مثلما سبابة تشير إلى العلاء.