القديس بولس معين هام لتشديد أواصر هويتنا المسيحية وتجديد شباب الكنيسة بأسرها

بندكتس السادس عشر يتحدث عن الإرث البولسي الضخم

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الأربعاء 4 فبراير 2009 (Zenit.org). – قدم البابا بندكتس السادس عشر اليوم الأربعاء التعليم الأخير في سلسلة التعاليم حول شخصية القديس بولس وتوقف أولاً للحديث عن ختام حياته الأرضية فقال: “يجمع التقليد المسيحي القديم على الشهادة بأن القديس بولس مات شهيدًا هنا في روما”.

وأشار إلى أن الأسفار القانونية لا تتحدث عن موت بولس، ما خلا هذا المرجع في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس: “أما بالنسبة لي، فها إن دمي سيسفك كقربان، وقد اقتربت ساعة إرخاء أشرعتي” (2 تيم 4، 6؛ راجع فيل 2، 17).

ولفت البابا إلى أنه يتم استعمال صورتين، صورة القربان الطقسية، والتي سبق واستعملها في الرسالة إلى أهل فيليبي مفسرًا الشهادة كجزء من ذبيحة المسيح، وصورة بحرية تتمثل بإلقاء المرساة: وهما صورتان تشيران سوية وبشكل حصيف إلى حدث الموت والموت الدامي.

إرث القديس بولس

ثم انتقل البابا إلى الحديث عن عظمة شخصية القديس بولس التي تصل أبعد من حياته الأرضية ومن موته؛ “فقد ترك إرثًا روحيًا ضخمًا. فهو أيضًا، كتلميذ حقيقي ليسوع، أضحى علامة تناقض”.

ويظهر الإجلال الكبير نحو الرسول بولس انطلاقًا من كتاب أعمال الرسل. وسرعان ما دخلت رسائل بولس في الليتورجية، حيث تضحي هيكلية النبي-الرسول-الإنجيل أساسية في شكل ليتورجية الكلمة. وهكذا، “بفضل هذا “الحضور” في ليتورجية الكنيسة، أضحى فكر الرسول فورًا غذاءً روحيًا للمؤمنين في كل الازمنة”.

ثم تحدث البابا عن اللاهوتيين وآباء الكنيسة الذين ارتووا من معين بولس: “من الواضح أن آباء الكنيسة وكل اللاهوتيين قد تغذوا من رسائل القديس بولس ومن روحانيته. فقد بقي على مر العصور، وحتى اليوم، المعلم الحق ورسول الأمم. إن التعليق الآبائي الأول الذي وصل إلينا حول نص من نصوص العهد الجديد هو تعليق اللاهوتي الإسكندري العظيم أوريجانوس، الذي يعلق على رسالة بولس إلى أهل روما”.

ثم تطرق إلى القديس يوحنا فم الذهب، الذي “إضافة إلى تفسير رسائل بولس، كتب في تكريمه سبع خطب هامة”. هذا “ويدين له القديس أغسطينوس بالنص المصيري في ارتداده، وسيعود إلى بولس طوال حياته”.

“لقد ترك لنا القديس توما الأكويني تعليقًا جميلاً على الرسائل البولسية، ويشكل الثمرة الأنضج في علم التفسير الكتابي في العصر الوسيط”.

وذكر البابا أن بولس لعب دورًا هامًا في الفكر الكاثوليكي والبروتستانتي على مدى العصور “وقد تم تحول نوعي في القرن السادس عشر مع الإصلاح البروتستانتي. فاللحظة الحاسمة في حياة لوثر كانت ما يعرف بـ ” Turmerlebnis ” (1517)، عندما وجد في برهة تفسيرًا جديدًا لعقيدة بولس بشأن التبرير. تفسيرًا حرره من الوساوس ومن قلق الحياة السابقة وأعطاه ثقة جديدة وجذرية في صلاح الله الذي يغفر كل شيء دون شروط”.

هل هناك اختلاف بين تعليم بولس وتعليم يسوع؟

وبالحديث عن القرن التاسع عشر، قال بندكتس السادس عشر أنه عرف نهضة جديدة للبولسية خصوصًا على صعيد العمل العلمي الذي أنماه التفسير التاريخي النقدي للكتاب المقدس. وتوصل إلى التفسير العلمي الجديد للكتاب المقدس والبولسية الجديدة.

وأشار البابا أنه في هذا الزمن “تم التشديد على محورية مفهوم الحرية في فكر بولس: واعتبرت الحرية قلب الفكر البولسي، كما سبق وفطن لوثر. ولكن مفهوم الحرية كان يفسر في إطار الليبرالية الحديثة. وكان يشار بشكل قوي إلى الاختلاف بين تبشير بولس وتبشير يسوع. فظهر القديس بولس وكأنه مؤسس المسيحية الجديد”.

وشرح بندكتس السادس عشر: “صحيح أن محورية ملكوت الله، المصيرية في إعلان يسوع، تتحول مع القديس بولس إلى محورية الكريستولوجيا، والتي يشكل السر الفصحي نقطتها المصيرية. ومن السر الفصحي تنبع أسرار المعمودية والافخارستيا، كحضور دائم لهذا السر، الذي ينمو بواسطته جسد المسيح وتتأسس الكنيسة”.

وأضاف: “ولكني أقول، دون الدخول الآن في التفاصيل، أن ملكوت الله يتحقق بالضبط في المحورية الجديدة المعطاة للكريستولوجيا وللسر الفصحي، وتضحي ملموسة، وحاضرة وفاعلة أصالة الإعلان الذي يقوم به يسوع. لقد رأينا في التعاليم السابقة أن هذه الجدة البولسية هي بالضبط الأمانة الأعمق لبشرى يسوع”.

وتحدث أخيرًا عن تقدم التفسير الكتابي، وخصوصًا في القرنين الأخيرين، الذي ساهم في نمو التوافق بين التفسير الكاثوليكي والتفسير البروتستانتي، وصولاً إلى تلاقي بشأن النقطة التي كانت مصدر الاختلاف التاريخي الأكبر. وبالتالي هناك رجاء كبير للقضية المسكونية، المحورية جدًا في المجمع الفاتيكاني الثاني.

وفي الختام استشهد البابا بالقديس يوحنا فم الذهب الذي يقدم في إحدى مدائحه مقاربة بين بولس ونوح، ويقول: بولس “لم يضع بولس الألواح لبناء سفينة؛ فبدل جمع ألواح الخشب، ألف رسائل وهكذا مخر لج العباب، وخلص لا فردين، أو ثلاثة أو خمسة من عائلته، بل المسكونة بأسرها التي كانت قد شارفت على الهلاك”.

وخلص إلى القول: “هذا ما يستطيع أن يفعله الرسول بولس الآن ودومًا. سيكون إذا الورود على معين مثاله الرسولي وعقيدته، حافزًا، لا بل ضمانة، لتشديد أواصر هويتنا المسيحية وتجديد شباب الكنيسة بأسرها”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير