لا تخف أيها القطيع الصغير
ما كان اتكال الموارنة يوما على القوة الغاشمة، عبر تاريخهم الطويل، وان كانوا قد أظهروا شجاعة وبأسا واستهانة بالنفس في سبيل المحافظة على ايمانهم ومبادئهم وعاداتهم السليمة. ولكنهم اتكلوا أولا وآخرا على ربهم، فعبدوه العبادة الصادقة وجعلوا معتمدهم عليه، وغالبا ما رددوا ما يقوله صاحب المزامير:”انك ظللت رأسي يوم السلاح” . وكان لواء العذراء مريم بيرقهم يمشون في ظله الى النصر، وهم يرددون مع صاحب المزامير أيضا: “اذا قام علي قتال ففي ذلك ثقتي، لأنك معي”، “والرب حصن حياتي فممن اخاف”.
وكلما انقسم الموارنة على ذاتهم، واختلفوا فيما بينهم، دارت الدوائر عليهم، وتغلب عليهم الطامعون بهم. والتاريخ شاهد. وكلما جمعوا صفوفهم ووثقوا عرى التعاون فيما بينهم، صلحت أحوالهم، وازدهرت، واكتسبوا احترام مواطنيهم على اختلاف مذاهبهم.
لا نريد اليوم أن نتوقف على ما نعاني منه. غير أن الواجب يدعونا الى النظر مليا في ما صرنا اليه نحن وجميع اللبنانيين من فرقة وانقسام بالرأي، يلوذ منه الكثير من المواطنين بالسفر والهجرة. وهذا واقع نحن جميعا، دون استثناء مسؤولون عنه. وقد آن الاوان لنحزم أمرنا ونجمع رأينا وننظر مليا في ما آلت اليه أمورنا، لنخرج من الدوامة التي ندور فيها. وهذا وضع يعود بنا القهقرة، ويدفع الكثيرين من بينناالى الهجرة التي لا عودة بعدها.
وقد ارادنا الله، والقديس مارون في هذه البقعة من العالم لنقوم برسالة، وهي رسالة التبشير بالمحبة، وممارستها في ما بيننا، وذلك لخيرنا وخير جميع مواطنينا. واذ ذاك يصير بامكاننا جميعا أن نطلق الخوف لنقبل على العمل المجدي.
وانا اذ نهنئكم جميعا بهذا العيد، نسأل الله، بشفاعة القديس مارون، أن يجمع أمرنا على خشيته تعالى، والاقبال بعضنا على بعض بالمحبة والتعاون لاخراج نفوسنا وبلدنا مما يتخبط فيه من محن، ويعيد علينا وعليكم عديد أمثال هذا العيد، وهي مليئة بالخير والبركات”.