رسالة الصوم 2009 لمطران كندا للروم الملكيين الكاثوليك

Share this Entry

كندا، الأحد 22 فبراير 2009 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي رسالة الصوم 2009 لمطران كندا للروم الملكيين الكاثوليك، صاحب السيادة ابراهيم مخايل ابراهيم.

* * *

المطران ابراهيم مخايل ابراهيم

بنعمة الله

مطران كندا للروم الملكيين الكاثوليك

إلى سائر أبنائنا وبناتنا بالمسيح يسوع، إكليروساً وشعباً

نعمةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا، والرَّبِّ يسوع المسيح

” يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ وكَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ هو عِنْدَكَ “

(يو 6/68)

في زمن الصوم المبارك لهذه السنة نتذكر كلمات القديس بطرس إلى الرب يسوع، لا بل ونرددها

معه قائلين: “يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ وكَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ هو

عِنْدَكَ.” هذا الإعلان الذي يُظهر عمق إيمان بطرس بيسوع المسيح يأتي مباشرةً بعد معجزة

تكثير الخمسة أرغفة والسمكتين (يو 6/1-15) ومعجزة المشي على الماء (يو 6/16-24). وفي

اليوم الذي تلى هاتين المعجزتين ذهب الجمع إلى كفرناحوم يطلبون يسوع (يو624). وعندما

وجدوه قال لهم: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ

لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ، بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ

فَشَبِعْتُمْ.  اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي

لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ.” (يو 6/26-27).

وقد شرح يسوع لهم ما هو الطعام الذي يبقى عندما قال لهم : “أَنَا هُوَ خُبْزُ

الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فلاَ يَعْطَشُ

أَبَداً.”  لقد كان هذا الكلام وما تبعه صعب الفهم وقد أثار تذمر اليهود عليه.

“فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: “كَيْفَ يَقْدِرُ هَذَا أَنْ

يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟ ” (يو 6/52). “وَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ،

إِذْ سَمِعُوا: “إِنَّ هَذَا الْكلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يُطيقُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟ ” (يو

6/60). لقد كان يسوع مدركاً تماماً صعوبة كلامه وبأن كثيرين لن يستطيعوا أن يفهموا هذا

الكلام، لذلك نراه يقول لهم “: لا يَجيءُ أحدٌ إليَّ إلاَ بِنِعمَةٍ مِنَ الآبِ. ” (يو

6/65). وكنتيجة لهذه الصعوبة في فهم كلام الرب “تخَلَّى عَنهُ مِنْ تِلكَ السّاعةِ

كثيرٌ مِنْ تلاميذِهِ واَنقَطَعوا عَنْ مُصاحبَتِه.” (يو 6/66). حينئذٍ “قالَ يَسوعُ

لِلتَّلاميذِ الاثنَي عَشَرَ: ” وأنتُم، أما تُريدونَ أنْ تَترُكوني مِثْلَهُم؟” (يو

6/67). “فأجابَهُ سِمعانُ بُطرُسُ: ” يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ وكَلاَمُ

الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ هو عِنْدَكَ.” (يو 6/68).

في كل ما سبق أراد يسوع أن يهيء تلاميذه لما سيحدث معه إذ أن اليهود كانوا قد عزموا على

قتله ( يو 7/1) وقد أنبأ هو نفسه بموته (7/33).

أيها الأخوات والأخوة، إن كلام يسوع صعبٌ، وفهم أسرار عمله الخلاصي يحتاج الى إيمان

وعقل ثاقبين. فمنذ البشارة والميلاد (التجسد) وحتى الصلب (الفداء) والقيامة (الخلاص)

نجد نحن البشر أنفسنا أمام سر إلهي يفوق إدراكنا ويتخطى مقدراتنا وقد لا يطيق البعض

سماعه. لذا فإننا مدعوون في زمن الصوم المبارك أن نتأمل في كلام الله ونعود إلى يسوع

بآذان العقل والإيمان مصغين لما لديه من كلام يقوله لنا حتى لا نعود نبحث عن الحقيقة

خارجاً عنه لأن عنده وحده ينبوع الحياة الأبدية. عودتنا إلى المسيح لا تجوز أن تكون

لأجل الآيات التي يصنعها معنا ولا لأجل الخبز الذي يكثّره على موائدنا، بل لأجل الحق

الذي بلقائه نجني خلاصاً لنفوسنا وسلاماً لقلوبنا التوّاقة للهدوء والراحة والأمان.

عودتنا إلى المسيح ليست لسماع كلام سهل وتحقيق فهم تام لأسراره الإلهية بل للوقوف أمامه

وقفة تواضع المخلوق أمام خالقه ونقول له: “إِنِّي أُومِن يا رب! فأَعِنْ قِلَّةَ

إِيماني!”. (مر 9/24).

إن الإنسان وعلى مر الأجيال يعيش حالة تفتيش دائم عن السعادة والسلام وهو يحاول أن يجد

حلولاً مناسبة للأزمات التي يتخبط بها، إن كان على الصعيد الشخصي أم على الصعيد

الجماعي. إننا كثيراً ما نخطئ التقييم عندما نلجأ إلى الوسائل المزيّفة أو حتى أحياناً

المميتة والتي بدل من أن تساعدنا وتبنينا تهدمنا وتفنينا. إن المصائب التي تصيبنا بسبب

جهلنا وأخطائنا أسوأ بكثير من الويلات التي قد تطرأ علينا من الخارج. فالمسلك الذي

نسلكه هو الذي يوصلنا إلى غايتنا. فإن كان مسلكنا سليماً تكون غايتنا سليمة وإن كان

مسلكنا مريضاً فلا بد أن يصيبنا المرض. إننا نلتجئ يائسين لمن نظن أنه يخلّصنا أو

يريحنا وفجأة نجد أنفسنا فريسة في شباك ما ومَن لجأنا إليه. لذلك نرى كثيرين يضحون

مدمنين على الشراب والمخدرات والجنس والقمار والتدخين وكافة أنواع الآفات التي لا

تصيبهم  فقط في أجسادهم بل تأسر منهم نفوسهم وعقولهم وتحد من حريتهم في السيطرة على

أنفسهم ورسم مصيرهم بنعمة الله وأيديهم.

  لقد كان سمعان بطرس في زمانه على علم بالآفات التي تضرب أترابه البشر، وأبواب الشر

مفتوحة للجميع، لكنه كان منها حراً طليقاً، جسداً ونفساً، وكان قادراً بوعي وإيمان أن

يعلن: “يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ وكَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ هو

عِنْدَكَ؟” إذا أتين
ا إلى يسوع ننهض من فراغ ونمتلئ معرفة من كلامه لنا، وكلامه لنا

حياةٌ أبدية. إذا لجأنا إلى يسوع نتحرر من الشعوذات والسحر والتبصير وعبادة الشيطان

والإرتماء في ظلمة قاتلة وتنفتح أعيننا على النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان. (يو

1/9). ونحن مهما غلونا في بعدنا عنه يبقى حبه لنا أكبر من كل خطايانا.

فلننهض إذاً أيها الإخوة والأخوات في زمن الصوم المبارك ونذهب إلى يسوع غير مهتمين

بالطعام الذي يفنى بل عاملين للطعام الذي يبقى فيصير حياة أبدية. والطعام الذي يبقى هو

ذلك الخبز النازل من السماء والذي يهب الحياة الأبدية. “لأنَّ خُبزَ اللهِ هوَ الّذي

يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ ويُعطي العالَمَ الحياةَ.” (يو6/33). “قالَ يَسوعُ: أنا هوَ

خُبزُ الحياةِ. مَنْ جاءَ إِليَّ لا يَجوعُ، ومَنْ آمنَ بـي لا يعطَشُ أبدًا ” (يو

6/35).

إفتحوا قلوبكم لنعمة الله التي بدونها لا يستطيع أن يقبل أحدٌ إلى يسوع المسيح (يو

665)  وأعلنوا مع سمعان بطرس: ” يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ وكَلاَمُ الْحَيَاةِ

الأَبَدِيَّةِ هو عِنْدَكَ.”

أعاد الله عليكم زمن الصوم وأنتم تزدادون قداسة وإصغاء لكلمات يسوع وهمساته الإلهية،

طالباً منه لكم سلاماً وأماناً وازدهاراً وصحة وفرحاً ونعماً غزيرة.

 خادمكم بالرب

المطران إبراهيم إبراهيم

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير