الفاتيكان، الأربعاء 24 فبراير 2010 (Zenit.org). – في ختام مقالتنا، نتوقف على استعراض بعد الأفكار والصفات التي يمكننا أن نستخلصها من فكر القديس افرام حول الكنيسة كعروسة المسيح.
أولاً، السهر
في انتظار رجوع العريس السماوي، يترتب على الكنيسة العروس أن تسهر بانتظار العريس. ولكن السهر، بحسب القديس أفرام أنواع، وما كل سهر يليق بعروسة المسيح. فهناك الغني الذي يسهر لأنّ مامونا قد استرق النوم من أجفانه؛ والقَلِق يسهر لأن نومه قد افترسه القَلَق. يخلص افرام إلى القول:
“أيها الإخوة، هو الشيطان من يعلم سهرًا بدل آخر، يعلم النوم في الأمور الصالحة والسهر واليقظة في الأمور المشينة” (أناشيد الميلاد 1، 69).
ويشرح افرام أن يهوذا سهر لكي يخون الرب بائعًا دم البار الذي اشترى الخليقة بأسرها. ولذا يحرضنا القديس إلى سهر خاص إذ يقول:
“اسهروا يقظين، مثل الأنوار في ليلة النور هذه، فرغم أن لونها الخارجي داكن فهي تشع بفضل قوتها الداخلية” (أناشيد الميلاد 1، 74).
ثم يضيف: “من لا يسهر بالطهارة، فإنما سهره هو نوم. ومن لا يسهر بالعفة، فحتى سهره سيحسب ضده” (أناشيد الميلاد 1، 77).
لذا فسهر المؤمنين هو سهر الحب، سهر القلب الذي يقول في نشيد الأناشيد: “أنا نائمة لكن قلبي ساهر” (نش 5 ، 1). فالمحب، ولو أغلقت عيناه يبقى قلبه منفتحًا ومتنبهًا على أدنى إشارة من إشارات الحبيب. وسهر المحب هو سهر محوّل يجعله مماثلاً للمحبوب.
ثانيًا، التجلي
نجد في افرام وعيًا بيئويًا نبويًا بدأت البشرية والكنيسة فقط في العقود الأخيرة تعي أهميته. إلا أن ما يميز افرام عن الوعي الحالي للبيئة، هو أنه لا ينظر إليها كواقع حلولي (pantheist)، ولا من منطلق أناني مطبوع بالمصلحة (لنحافظ على الطبيعةِ حتى لا تدمرنا الطبيعةُ)، بل من منطلق لاهوتي. الخليقة هي مرآة الخالق، ويجب أن نحافظ عليها شفافة وجميلة لكي تشع بجمال محيا خالقها. إن الخليقة تلعب دورًا مماثلاً لدور آثار ومعالم الله في فكر القديس بونافنتورا.
بيئوية القديس افرام لا تنحصر في البعد الطبيعي، بل تمتد إلى تجلي الخليقة، وخصوصًا الخليقة العاقلة، لكي تكون صدىً للوغوس، لكي تنال التأليه (theosis). فإذا كان القديس أثناسيوس يقول: صار الله إنسانًا لكي يضحي الإنسان إلهًا، يقول القديس افرام بلغته الشعرية (متحدثًا عن الميلاد): “اليوم طُبعت الألوهة في البشرية لكيما تُنقش البشرية في ختم الألوهة” (أناشيد الميلاد 1، 99).
يتعرى الله من مجده الأزلي (أناشيد الميلاد 4، 188) لكي يُلبس آدم، الذي تعرى من المجد الذي ناله في الخليقة الأولى (أناشيد الميلاد 23، 13). ويلبس المسيح بشريتنا لكي نستطيع نحن بدورنا أن نلبسه (أناشيد الميلاد 22، 39). فإنما قماطات مذوده هي حلتنا الملوكية (أناشيد الميلاد 5، 4).
كما بالتجسد كذلك بالمعمودية، هناك عملية تحول يتحدث عنها افرام من خلال صورة “المزج”. بالمعمودية تمتزج الطبيعة البشرية بالطبيعة الإلهية (أناشيد المعمودية 4، 5 ؛ 13، 5). ينزل النور الإلهي ويرتفع روح الإنسان، ويتحد الاثنان في حب واحد (أناشيد المعمودية 9، 11) ويدخل الإنسان في الحميمية النهائية مع الله، بدخوله في ذرية المسيح (أناشيد المعمودية 4، 1 . 6). من خلال المعمودية تتجلى الطبيعة البشرية، فبعد أن صار المسيح جزءًا من النسل البشري بالتجسد، يضحي الإنسان من نسل الله بالمعمودية (أناشيد المعمودية 13، 6 – 7).
كيف يتم هذا التجلي وهذا التأليه؟ الدرب الملوكي هو الصلاة التي هي خدر عرسي: “الصلاة المَطَهّرة هي عذراء في الخدر العرسي” (أناشيد في الإيمان 20، 6 – 7)، وقمة الصلاة هي الاتحاد بالمسيح في الخبز والخمر الذين يتحولان إلى جسده ودمه ليحولا الكنيسة إلى عروسة المسيح، جسدًا واحدًا مع ختنها.
ثالثًا، الخصب
قانون الخصب الذي ينطبق على الحياة الزوجية بشكل عام ينطبق على الكنيسة أيضًا. المتزوج يعي أن النعمة الزوجية تتكلل بالخصب (على مختلف أنواعه). تشكل مريم رمز الكنيسة، فالكنيسة يسبق تمثيلها من خلال مريم العذراء.
وإذ يقول افرام في مريم:
“مثلما دخل الموت في حشا أذن حواء وفاض، فكذلك من خلال أذن جديدة، أذن مريم دخلت الحياة وفاضت” (أناشيد في الكنيسة 49، 7).
يتحدث عن الكنيسة فيقول:
“مباركة أنت أيتها الكنيسة، لأن أشعيا تهلل فيك في نبوءته “هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا” سيكون اسمه رمزًا جبارًا. آه، لقد تحقق المعنى في الكنيسة! اتحد اسمان وصارا واحدًا عمانوئيل، الله معك في كل الأزمنة لأنه وحدك بأعضائه” (أناشيد الميلاد 25، 5).
الكنيسة تحقق دعوتها، تحقق سرها الختني من خلال الخصب. الكنيسة، وكل عضو في الكنيسة يضحي صورة العروسة الأمينة والخصبة من خلال الخصب الذي هو في جوهره خصب إنجاب البشرية بأسرها إلى الحياة في صلب الثالوث.