الأزمة الاقتصادية والجماعات الشيطانية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الخميس 25 فبراير 2010 (Zenit.org). – في مقالة بعنوان “هل سيبقى هناك عباد الشيطان في عام 2050؟” في جريدة “أفينيري” الإيطالية، يقوم الباحث الإيطالي الشهير في موضوع البدع والحركات السرية، ماسّيمو إنتروفيني بتقديم خواطر مهمة حول ظاهرة عباد الشيطان.

يكشف المؤلف في مطلع مقالته عن أن الظاهرة ليست كما قد يعتقد البعض ظاهرة “قديمة”. بالطبع إن إيمان الناس بوجود، تأثير وعمل الشيطان هو قديم جدًا، ولكن ظاهرة عبادة الشيطان، كما يصفها علم الاجتماع، أي كعبادة الشيطان من خلال جماعات منظمة وتراتبية، هي بحد ذاتها ظاهرة حديثة.

إن فجر تاريخ عبادة الشيطان يرافق ظواهر السحر والشعوذة وهي معاصرة لاكتشاف أميركا، في فجر العصر الحديث. فحدث الشيطانية الأول الحقيقي يعود إلى أيام الملك لويس الرابع عشر، مع كاترين لا فوازين (1640 – 1680)، التي ابتكرت ما يعرف بـ “القداس الأسود”. ومنذ ذلك الحين تبدأ بالظهور خلايا شيطانية صغيرة، وهذه تولد بدورها ردات فعل كبيرة جدًا ، وردات الفعل هذه، نظرًا لتطرفها تقود بدورها إلى ولادة أشكال جديدة من عبادة الشيطان.

ويقدم إنتروفيني في مقالته مراحل تاريخ عبادة الشيطان في فرنسا، وصولاً إلى القرن العشرين، وإلى ولادة كنيسة الشيطان في كاليفورنيا في عام 1966 على يد أنطون ساندور لافي (1930 – 1997)، ثم معبد “ست”. إن الحيز الكبير الذي تأخذه هذه الظواهر في وسائل الإعلام يؤدي إلى حمله معادية للشيطانيين وإلى تعقب ومطاردة للشيطانيين في الفترة الممتدة من عام 1980 وحتى 1994. إلا أن الكشف عن تصرفات وشخصيات بعد المعادين للشيطانية، وردة فعل العالم الأكاديمي على أساطير المعادين للشيطنة، تضحي بدورها وسيلة تحمل على ولادة متجددة للجماعات الشيطانية وخصوصًا بعد عام 1995، في الولايات المتحدة وفي أوروبا.

ثم يقدم المؤلف بعض الخصائص التي تتميز بها الشيطانية في القرن الحادي والعشرين.

يبدو أولاً، بالرغم من الكثير من اللغط القائم، أن مؤسس كنيسة الشيطان لافي قد ربح معركته الأولى، وهي عقلنة مذهب الشيطانية بحيث يضحي الشيطان مجرد رمز لجموحنا وشهواتنا. الشيطان هو أقل روحًا وأكثر مادةً، إنه الأقنوم الكامن في العدوانية البشرية في رجال ونساء لا يريدون أن يضعوا حدودًا لنزعة السلطة الكامنة في كيانهم، بل أيضًا نزعة العنف.

يصرح علماء الاجتماع أن الشيطانية المعاصرة غيّرت عنوانها. فهي لا تسكن في أغلب الأحيان في ممارسات سرية، غامضة وسحرية، بل تركز انتباهها على القدرات البشرية، وعلى التحرر النفسي-الجنسي، فتمزج بين نظريات الرأسمالية الخارقة (آين راند) ونظريات الثورة الجنسية (ويلهلم رايخ)، بحسب السبيل الذي خطه لافي.

ويتساءل المؤلف: هل ستنتهي ظاهرة الشيطانية مع العصر ما بعد الحديث؟ هل تستطيع هذه الظاهرة أن تستمر في الوجود مع أفول عصر الإيديولوجيات والأساطير الكبرى؟

ويقدم جواب المؤرخ الألماني يواكيم فست الذي يقول أنه “مع فقدان الرسالة المسيحية لقوتها، بدأت الناس تبحث عن بديل لله وعن ماورائية نقلته الطوباويات المعاصرة إلى هذا العالم. على الإرجح، إن البدع الجديدة ستقون بعمل جذب لمؤمنين جدد في المستقبل، ومن بين هذه الغورو، وعاظ نهاية الأزمنة، ومعلمي القداديس السوداء”.

ولكن لما الحديث عن معلمي القداديس السوداء؟ – يجيب إنتروفيني أن الإنسان في كل حقبة حافلة بالمخاوف وقلة الضمانات (مثل العصر الحديث، والأزمات التي نعيشها حاليًا) يعود الشيطان بقوة إلى المخيلة الجماعية. يصعب تكهن ما سينتج عن هذه المخيلة في المستقبل القريب.

ويخلص إلى القول بأن أعضاء الجماعات الشيطانية هم أقوى مما كانوا عليه من قبل في القرون السالفة، وفي حقبة الحروب، والأزمات الاقتصادية والأخلاقية الحالية يمكنهم أن يستغلوا الفرصة لكي يجمعوا أتباعًا جددًا.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير